/ صحفة 380 /
بالرجم والخسف في الوعيد فقال: ((قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض)) كل ذلك لا شك فيه، وهو من البديهيات المعلومة من الدين ضرورة، ومع ذلك ليس من شك أيضا في أن واقع المسلمين ليس كذلك، ففيهم الفرق المختلفة، والشيع المتباينة، وقد جر ذلك إلى التناحر والتباغض، والي أن يذوق بعضهم بأس بعض، ففيهم السني والشيعي والخارجي والمعتزلي، إلى ماشاْ الله من هذه الفرق، وفيهم ما لا يحيط به آلا الله من الحقد والبغض والحسد وكراهية بعضهم لبعض كأن ليس من مبادئ دينهم القطعية ما ذكرنا، بل كأن من مبادئ دينهم الفرقة والاختلاف، وكأن منها النزاع والفشل، وكأنها أصول فيه ويس لها مرو وليس منها محيص.
ومن المعلوم أن هذه الفروض الاجتماعية التي منها حب المسلمين بعضهم بعضاً وتعاونهم وتناصرهم؛ ليست فروضاً يدعو إليها الدين تعبداً بل هي فروض يدعوا إليها الدين لأن مصلحة المسلمين الدنيوية تدعو إليها، ولأن بقاءهم وقوتهم وعزتهم منوطة بها فكل أمة من أمم الإسلام وحدها ضعيفة ولكنها بتعاونها مع غيرها من الأمم الإسلامية تقوي وتعز وقد قيل ((ضعيفان يغلبان قوياً)).
كذلك ليست المحرمات الاجتماعية التي ينهي عنها الدين ـ ومن أشدها تباغض المسلمين وتفرقهم وتنازعهم ـ إلا مفاسد كبرى يريد الدين منهم أن يدرءوها عن أنفسهم، فليس يضعف المسلمين ويفت في عضدهم مثل التباغض والتناحر والتفرق بينهم.
لذلك لا أعلم فروضاً في الإسلام أقوى ولا آكد ولا أعم فائدة ولا أعظم جدوي من هذه الفورض التي هي المحبة والتعاون والتناصر بين المسلمين.
ولا أعلم كبائر أعظم ضرراً، ولا أشد نكراً، ولا أدعي لمحق المسلمين وزوالهم من هذه الكبائر التي ذكرنا من تباغضهم وتخاذلهم وفرقتهم وانقسامهم.