/ صحفة 367 /
الله تعالى في السموات وفي الأرض، والنجوم المسخرات، والليل والنهار والشمس والقمر، وقد قال سبحانه يحث الم,منين على النظر والتفكير: ((أو لم ينظروا في ملكوت السموات والارض وما خلق الله من شيء)) وقال سبحانه: ((قل انظروا ماذا في السموات والارض))، ودعا سبحانه المؤمنين إلى دراسة أنفسهم فقال: ((وفي أنفسكم أفلا تبصرون)) ودعا إلى التفكر في هذا الوجود الذي سخر كل ما فيه لابن آدم يدرسه ويفحصه، ويعلم كل ما فيه ليتم له السلطان فيه، والسيطرة على هذه الأرض بكل قواها، سواء أ كانت ظاهرة أم كانت باطنة، كما قال سبحانه: ((هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا)).
وإذا كان علم الكائنات وما فيها ضرورة إسلامية فعلم الخير والشر ضرورة للاجتماع الإنساني الفاضل، ومقياس الخير والشر مقياس إنساني عام يستوي فيه الابيض والاسود والاحمر، ولا فضل لأعجمي على عربي، وقد تكفل القرآن والسنة ببيان قواعد السلوك الإنساني العام، وهو لا يخرج عن أحكام العقل المستقيم، حتى لقد قال أعرابي وهو يبين سبب اتباعه لمحمد (ما رأيت محمداً يقول في أمر افعل، والعقل يقول لا تفعل، وما رأيت محمداً يقول في أمر لا تفعل، والعقل يقول افعل) وكان أكثم بن صيفي يحث أولاده على اتباع محمد بقوله: ((إن هذا إن لم يكن ديناً؛ فهو في أخلاق الناس أمر حسن، كونوا في هذا الأمر أولا، ولا تكونوا آخراً)).
(3) وكون القرآن والسنة يقيمان دعائم المجتمع القرآني على أساس العلم بالكون، والعلم بالخير الصحيح، وقواعد السلوك القويم؛ فيه سير بالمجتمع الإنساني في طريق الكمال؛ لأن العلم هو المصباح الذي يسير بالجماعات في الطريق المستقيم، وهو الذي به يرقى مستوى الحياة، ومستوى الاقتصاد، ومستوى الاجتماع، فإن التقي علم المادة، وقوانين السلوك القويم، كانت الرفعة والسمو.