/ صحفة 36 /
(ب) نشر المبادىء الإسلامية باللغات المختلفة، وبيان حاجة المجتمع إلى الأخذ بها.
(ج) السعي إلى ازالة ما يكون من نزاع بين شعبين أو طائفتين من المسلمين والتوفيق بينهما.
فجماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية بمقتضى الفقرة الأولى والثالثة من هذه المادة، لا تسعى الا إلى جمع كلمة المسلمين التي فرقها الخلاف السياسي لا الديني، لأن الخلاف السياسي هو الذي فرق كلمتهم، وجعل بعضهم يعادى بعضا على أسبابه وغاياته من أمور الدنيا، كالوصول إلى الحكم ومناصبه، والظفر بالرياسة ومظاهرها، وما إلى هذا من وسائل الجاه الذي يطغى على الدين، فيستخدم أهله في أغراضه، ويقرق كلمتهم في الوصول إلى مآربه، لأنه لا يصل اليها الا بتفرق الكلمة، وانقسام المسلمين إلى طوائف متعادية.
ولا شك أن الخلاف الديني ليس في شيء من أمور الخلاف السياسي، لأنه إذا مشى في وضعه الصحيح لم يوجب تفرقة في كلمة المسلمين، ولم يحدث عداء بينهم، لأنه لا يدور في أصله على مطمع من مطامع الدنيا كما يدور الخلاف السياسي، وإنّما يرجع في أصله إلى تفاوت عقول البشر، والى أن كثيراً من النصوص الدينية ليست دلالتها قطعية، وكثيراً منها ورد بطريق الآحاد، وهذا يجعلها ظنية في متنها ودلالتها معا، ولهذا اغتفر الشارع خطأ المجتهد فيه، بل جعل لمن اجتهد فيه فأخطأ أجراً على اجتهاده، ولم يميز المصيب عليه الا بأجر آخر على وصوله إلى الصواب، ولا شك أن مثل هذا الخلاف الذي تسامح فيه الشارع يجرى سمحا بين المسلمين، لأنه يجب عليهم أن يغفر بعضهم لبعض فيه، كما غفر فيه الشارع لهم، لأنهم لا شأن لهم في الدين أكثر من شأن الشارع، فهو صاحبه في الحقيقة، وهو الذي له حق الثواب والعقاب فيه، فيجب أن نترك أمر الحساب على الخلاف فيه إليه وحده، وأن يكون علاج أمره بيننا بالتي هي أحسن.