صحفة 301 /
إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وقضتا وأطعمتا لكل يوم مسكينا، وكرأيهم في الكلالة أنها من لا ولد له ولا والد، ومنه كذلك الرأي الذي تواطأت عليه الامة وتلقَّاه خلفها عن سلفها، فإن ما تواطئوا عليه من الرأي لا يكون إلا صوابا. ولهذا كانت النازلة إذا نزلت بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وليس فيها نص عن الله تعالى ولا عن رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع لها من الصحابة رضي الله عنهم من يعول عليهم في الفقه والرأي وجعلها شورى بينهم.
ومن الرأي المحمود أن يجتهد وينظر بعد أن يطلب الواقعة في الكتاب أو السنة فلا يجدها ويطلبها في عمل الخلفاء الراشدين وقضائهم أو عمل أحى من الصحابة رضي الله عنهم فلا يجدها، فقد قال الحميدي حدثنا سفيان حديثا الشيباني عن الشعبي، قال: كتب عمر إلى شريح إذا حضرك أمر لابد منه فانظرما في كتاب الله فاقض به، فإن لم يكن ففيما قضى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن لم يكن ففيما قضى به الصالحون وأئمة العدل، فإن لم يكن فأنت بالخيار فإن شئت أن تجتهد رأيك فاجتهد رأيك، وإن شئت تؤامرني، ولا أرى مؤامرتك إياي ألا خيراً لك والسلام. لم يأذن عمر رضي الله عنه لقاضيه في الاجتهاد والرأي الا بعد أن يتفقد الحكم في كتاب الله وقضاء رسوله وأصحابه الذين هم أئمة الهدى والعدل، مع أنه إنما اختاره عن كفاية وكياسة وبلاء وتجربة، فقد قال علي ابن الجعد أنبأنا شعبة عن سيار عن الشعبي قال: أخذ عمر فرساً من رجل على سوم فحمل عليه فعطب فخاصمه الرجل، فقال عمر: اجعل بيني وبينك رجلا، فقال الرجل إني أرضي بشريح العراقي، فقال شريح: أخذته صحيحاً سليما فأنت له ضامن حتى ترده صحيحاًسليما، قال: فكأنه أعجبه، فبعثه قاضيا.
هذا والرأي بعد أن عرفناه بأركانه، وفصلناه بأقسامه، وشرحناه بأمثلته، لا يختص بالقياس ولا يرادفه، بل هو أعم منه وأشمل كما يفهم من عباراتهم واصطلاحهم ولا ينكر الحنفية أنهم يأخذون بالرأي، ويعولون عليه في العمل