/ صحفة 283 /
فان اليزيديين يغمضون أعينهم للدلالة على استنكارهم لوقوع هذا الحادث. كذلك هم يتحاشون النطق بلفظ ((لعن)) وما اشتق منها أو قاربها بالمبني لما فيها من معنى الاهانة والتحقير.
والواقع أن التعصب لإبليس لم يقتصر على هذا الفريق من البشر. فقد روى ابن أبي الحديد عبد الحميد المعتزلي المتوفى عام 655 هـ. (1257) في شرحه على نهج البلاغة:
((كان أبو الفتوح أحمد بن محمد الغزالي الواعظ، أخو أبي حامد محمد بن محمد الغزالي الفقيه الشافعي قاصاً لطيفاً وواعظاً مفّوهاً وهو من خراسان من مدينة طوس، وقدم إلى بغداد ووعظ بها وسلك في وعظه مسلكا منكراً لأنه كان يتعصب لإبليس ويقول أنه سيد الموحدين، وقال يوماً على المنبر من لم يتعلم التوحيد من أبليس فهو زنديق أُمِرَ أن يسجد لغير سيده فأبى))
ولليزيدية اعتقاد خاص في الطوفان، لا يخلو من غرابة وطرافة. فهم يقولون أنه قد حصل طوفانان في العالم. كان أولهما من ((عين سفني)) قرية مشايخ اليزيدية في قضاء الشيخان بلواء الموصل. وفيه سارت السفينة حتى وصلت فوق جبل سنجار، فاصطدمت بجحرٍ ناتيء، فانشقت، فخرجت من الحجر حية، وقالت لنوح: ((اشبعني من دم الإنسان وأنا أنقذكم من الغرق)) فلما عاهدها على ذلك، كوّرت نفسها وسدت ثقب السفينة واستمرت في سيرها حتى استوت على جبل جودى، وكان ماكان. ولما كثر نسل الحية _ بعد الطوفان _ أخذها نوح وأحرقها بالنار وذّر رمادها في الهواء، فكانت منه البراغيث. أما الطوفان الثاني فهو الذي حدث بعد الطوفان الاول بمدة، وقد استهدف إغراق المعتدين على اليزيدية من جميع الخلائق. فأبو اليزيدية في الطوفان الاول هو نوح وحده، والناس من أولاد حام بن نوح. أما أبوهم في الطوفان الثاني فهو الملك الكريم ((ميوان)).