/ صحفة 28 /
هؤلاء قوم يلذ لهم أمتهان اخوانهم في الدين، بل اني أعرف فيهم من مضى عليه خمسون عاما وأسلة قلمه مغموسة بالدماء، لم يكتب كلمة في سبيل الوفاق والوتام، وإنّما يعنى بالكتابة في سبيل اللدد والخصام، وفي سبيل نشر المثالب والمطاعن بين فرق الإسلام.
لقد آن لهؤلاء أن يعلموا أن الالحاد والمروق يطغيان الآن على كثير من النشء المسلم، وأن مرد ذلك في كثير من الأحيان إلى ما يشاهد من اندفاع بعض المنتسبين إلى الدين، المتظاهرين بالغيرة عليه، إلى الدعوة لتمزيق شمل الأمة، وايقاد نار الفتنة، بتوجيه ضروب من الطعون والتجريح من هذه الطافة إلى تلك، ومن تلك إلى هذه، وأن قادة الرأي في العالم الإسلامي لا عمل لهم الا الهدم والتخريب، فيمرق من يمرق، وينشز من ينشز، ويلحد من يلحد، والمسئول عن ذلك دعاة الفتنة والتفريق.
ثم تقول لهم: أليس لدى الملل الأخرى من مسيحية ويهودية فرق وطوائف؟ فلماذا لا نراها تفاخر وتتطاحن كما يطيب لهؤلاء المكابرين أن تتطاحن فرق المسلمين أحوج ما يكونون إلى الائتلاف والوثام؟
يزعمون أنهم دعاة الاصلاح، ورواد الخير، وما هم الا رواد الخرائب، ويقولون انهم أولاء، على الحق، ومتى كان غراب البين دليلا هادياً للناس:
إذا كان الغراب دليل قوم يدلهم على دار الخراب