/ صحفة 272 /
حتى لا تعجب أن يتغنى بملء شدقيه من يرتفع نسبه إلى اليأس وخندف مفتخراً، ألا وهو العجاج التميمي الاموي في أرجوزته:
يا دار سلمى يا اسلمى ثم اسلمى فخندف هامه هذا العألم (1)
بل تجاوز التعريف به العصر الأموي فامتد إلى العصر العباسي الثاني. فهذا أبو الطيب المتنبي وضلعه مع اليمانيين لأنه جعفى يماني، يقول في مطلع افتخارية له على لسان بعض بني تنوخ من اليمنيين في مناهضة الخندفيين:
قضاعة تعلم أني الفتى اللـ ـذي ادخرَت لصروف الزمان
ومجدي يدل بني خندف على أن كل كريم يمان
ولئن كان هدفنا الذي نصوب إليه النظر معرفة أسباب تغلب علم الأم على الأب في الذرية، ليقتضين الترتيب الزمني أن نوطيء له بما كان ذريعة ووسيلة إليه، فنشأ عنه وتفرع عليه، بادئين تلمسه من حين الاتصال بين الزوجين: اليأس وخندف، ثم التوالد بينهما في أبنائهما الادنين، ومستعرضين الظرف الذي عرض فيه إضافة البنين إلى أمهم والاجتزاء باسمها معهم دون حاجه في تمييزهم إلى اسم ابيهم، ثم شيعان هذه الاضافة على مرور الملوين، مع أنه قلما يستأثر عَلم الام بمن ينتج من شعب أو قبيلة أو بطن فمن دونها إلا لملابسات خاصة تهبط على الناس في مجتمعهم فتلفتهم إلى تداول اسمها وتقديمه على اسم أبيهم الذي يحق انتسابهم إليه _ على أن تفسير تلك الملابسات اتفاقي دون تفكير يسبقه، خاضع لحادث يحول الافكار إليه، فهو كما يقال: ابن الظروف.
وفي ثنايا التاريخ ملوك جبابرة، وأعراب متمردة، ورواة اللغة عباقرة، وأدباء معلمون، وشعراء مفلقون. عُرفوا بالانتساب إلى أمهاتهم:
ــــــــــ
(1) البيت الثاني من شواهدهم على همز الالف في (العألم) لموافقة باقي الأرجوزة في عدم التأسيس، والبيت الأول مطلعها، وبينهما أبيات كثيرة. راجع شرح شواهد شرحي الشافية للبغدادي، الشاهد السادس يعد المائتين.