/ صحفة 270 /
وأنه يكثر من الحديث عن العتق، وأن آيات القرآن تتحدث عن العتق دون الرق، وأن الدين الجديد يعتبر المسلمين جميعاً اخوة، وأنهم سواسية لا فضل لأحدهم على الآخر الا بالتقوى. وسرى بينهم أن الإسلام يجعل الصلة بين الله وعباده صلة مباشرة لا وساطة فيها، وإذا فارجل الدين لن يبتز منهم أموالهم ليتوسط لهم عند ربهم، وباب المغفرة مفتوح لمن شاء أن يستغفر بلا واسطة، وحقوق الدولة على الأفراد قد نظمها الدين الجديد نظاما لا بدع للظلم والتعف سبيلا.
فالزكاة مقدرة معروفة وهي في طاقة المكلف بها لا ارهاق فيها ولا عنت. والصلاة في خمسة أوقات لا تصرف الناس عن أعمالهم ولا تكبلهم بقيود تقعد بهم عن أداء واجباتهم نحو أسرهم، والصيام في شهر معلوم، يربط بين المؤمنين جميعاً ويؤلف بين قلوبهم ويسمع الناس بأن أمة جديده قد بعثت، شعوبها في شتى الأقطار، وكلهم يجمعهم صيام رمضان. وبدلا من هذه الامتيازات التي كانت تغدق على الأشراف فتوغر ضياعهم وتوسم دوابهم حتى لا تسخر وغير ذلك، هذه الامتيازات كلها التي كانت منصبة على الأثرياء من أهل الطبقات الممتازة، والتي كانت كلها على حساب الطبقة الفقيرة: الحراثين، قد اختفت من الدين الجديد الذي راعى جانب الفقراء، من اليتامى والمساكين وأبناء السبيل. وتساءل الفرس كيف يعاملهم المسلمون. أيتركونهم أحرارا كما تركوا النصاري أم أنهم سيقاتلونهم ولم تبق لهم من قوة يحاربون بها، لقد أنهكتهم الحروب المتواصلة مع الروم والهياطلة؟
وتأنيهم الأخبار بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد مات، وأن القوم قد اختاروا خليفة بعده، ثم تسامعوا باختيار عمر وبحزمه وعدله، وتناقلوا الأحاديث في ذلك لأنهم كانوا ينتظرون الحاكم العادل. وتساءل الفرس كيف يعاملنا المسلمون؟ فقيل لهم: قال عبد الرحمن بن عوف لعمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد سئل عن المجوس، فقال استنوا بهم سنة أهل الكتاب.
فاطمأنت نفوس الفرس ودخلوا بعد ذلك في دين الله أفواجا؟