/ صحفة 266 /
وجاء أردشير مؤسس الأسرة الساسانية فجعل لهذه القاعدة استثناء، وأجاز أن ينظر في أمر الأذكياء من الحراثين. على أن هذا الاستثناء لا يجوز بالنسبة لطبقة رجال الدين، فالموبد لابد أن يكون ابن موبد، وهذه الطبقة تعتقد أنها أسرة واحدة لا يجوز لأجنبي عنها أن ينتسب اليها. {بندهش، الفصل 32 (نصوص بهلوية ج 5، القسم الأول، ص 142 وما بعدها، بالانجليزية}.
وقد أراد اسكافي أن يأذن الملك بتعليم ابنه الخط والأدب ليكون كاتباً، فرفض الملك. وكان الاسكافي قد عرض على بزرجمهر اقراض الملك ما شاء من المال ولكنه طلب أن يتاح لولده أن يتعلم. فلما عرض بزرجمه هذا الطلب على أنوشيروان قال له: انصرف ورد إلى الخفاف أحمال الدراهم والدنانير، أما ترى أن ولد المحترف إذا صار كاتباً أديباً، وعالماً أريباً، صار من الغد لو لدنا خادما ومنه قريبا، فلا يبقى عند أهل الأدب وأرباب الحسب والنسب من أهل البيوتات وأصحاب المروءات سوى الهم والحزن والحسرة والأسف، وهل يأتي الخير من ولد المحترف؟ وانه مهما اعتلت مرتبته استهان بذوى الالباب، واستعظم لهم في الثواب رد الجواب، فيستجلب لنا بعد موتنا اللعن والذم). {الشاهنان. ترجمة اليتدارى، نشر عزام}.
ولم يكن الشعب مؤمنا بهذا النظام، كثيراً ما ظهر الأذكياء من أبنائه، وكثيراً ما رأوا أنباء الأشراف في بلاهة وغباء. وأبصر الشعب نفسه فإذا هو لا يستطيع أن يلبس مما يلبس أهل الطبقات الثلاث الأولى، ولا هو يستطيع أن يركب مركبهم. ويتاح للمحترف أن يثري وأن يجمع من الثروة ما يشاء، ولكن ماله لا يغني عنه شيئا. فهو مدموغ بطبقته التي نشأ فيها. وأبصر الشعب نفسه فإذا هو يعد أبناءه ويتعهدهم حتى إذا شبوا وبدءوا يعاونون آباءهم على نحمل أعباء الحياه جمعهم الأشراف جمعا ليقدموهم للملك ليقذف بهم في أتون الحرب مع الروم، تلك الحرب التي لم تكن دفاعا عن وطن أو سعياً وراء فتح أو غزو،