/ صحفة 249 /
ولعل رأي الحسن والضحاك أقرب، وأن الله تعالى إنّما عبر عن هذين الاسرائيليين (يا بني آدم) اشارة إلى علاقة الرحم والأبوة لآدم، التي بين الناس جميعاً، وهي الأصل الأول الذي انبنى عليه تحريم قتل الإنسان أخاه الإنسان، ففي هذا التعبير تذكير لليهود الذين أرادوا قتل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، بأنه أخ في الإنسانية، وأن دمه حرام على كل أخ له، ولكنهم مع ذلك يحاولون سفكه، ولهم في ذلك ماض وسابقة في هذا الحادث الذي يدل على بلوغهم في الحسد والبغي مرتبة عظيمة.
فوائد على هامش القصة:
3ـ في بعض العبارات التي جاءت في القصة أسئلة وأجوبة تتضمن بعض الفوائد واللطائف، وقد أوردها كثير من المفسرين كل على طريقته، ونحن نلخص ذلك مكتفين بالأجوبة التي نرجحها:
السؤال الأول: كيف ساغ لمقتول أن يقف هذا الموقف السلبي من قاتله فيقول (لئن بسطت الي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك اني أخاف الله رب العالمين)، أيسوغ للانسان أن يقف مكتوف اليدين أمام من يحاول قتله فلا يدفعه عن نفسه بكل وسيلة ممكنة؟ أو لو دافع عن نفسه يكون مرتكبا بدفاعه ذنباً يخاف معه الله رب العالمين؟
والجواب: أن العبارة ليس فيها ما يدل على وقوف المعتدي عليه موقفاً سلبياً، فهو يقول (ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك) يعني لا امد يدي اليكم قاصداً قتلك لأن اللام بمعنى كي، وهذا لا ينافي أنه يمد يده إليه قاصداً الدفاع عن نفسه، فان كف شره بأقل من القتل فذاك، وان أفضى به الدفاع عن النفس إلى قتل المعتدي عليه، فذلك ما لم يقصده ولم يبسط اليد من أجله.
وبهذا لا تكون الآية مرشدة إلى ايثار الاستسلام، ولا مانعة من الدفاع عن النفس، إنّما تكون مرشدة إلى مثل خلقي أعلى في المحافظة على الدم الإنساني، حيث توحي إلى المعتدي عليه بأن يحتفظ حتى في هذا الظرف الحرج، ظرف تعرضه