/ صحفة 240 /
آل فرعون) (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة) (وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون) (وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى) (وإذ استسقى موسى لقومه) (وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد) إلى غير ذلك.
معنى تفضيل اليهود على العالمين:
ويجدر بنا أن نقف هنا وقفة يسيرة نبين بها ما يفهم من قوله تعالى (وآتاكم مالم يؤت أحداً من العالمين) وقوله تعالى (وأني فضلتكم على العالمين) فان اليهود كثيراً ما يستدلون بذلك على ما يفخرون به من أنهم شعب الله المختار، ويقولون للمسلمين: نحن بنص كتابكم الذي به تؤمنون أفضل العالمين، وقد أوتينا ما لم يؤت أحد من العالمين.
والحقيقة أنه لا متمسك لهم في ذلك، وإنّما المراد ـ والله أعلم ـ انه آثرهم بكثير من النعم على العالمين في عصرهم، حيث بعث فيهم كثيراً من الأنبياء، ولون لهم أنواع الهداية، وأنقذهم من كثير من المآزق، وحلم عليهم فلم يأخذهم بذنوبهم مع افتنانهم في ضروب العصيان والفسوق، ولو شاء لأهلكهم وأفناهم عن آخرهم وهم في كل ذلك لا يضربون الا أسوأ الأمثال في النكران والكفران، فتفضيل الله لهم هو ايثارهم بدعوة موسى وغيره من الدعوات التي ترادفت عليهم وتتابعت، وليس معناه تفضيلهم التكويني في خلق أو خلق أو علم أو ذكاء أو فراهة أجسام، أو نحو ذلك مما يزعمون، وبه على غيرهم يتطاولون، ولا يكاد يعرف شعب من الشعوب التي أرسل الله اليها أنبياءه قبل بني اسرائيل، صابرتهم السماء على تكذيبهم والتوائهم وعنادهم وتحريفهم ونفارهم عن الحق، وجماحهم عن الهدى، كشعب اسرائيل، فقد كان الذين يكذبون يستأصلون بقارعة سماوية كقارعة عاد وثمود وأصحاب مدين وقوم لوط، ولكن دعوة الرسل دخلت بعد ذلك في طور جديد غير طور الاسئصال والابادة، ولله في ذلك الحكمة البالغة، فهو تمهيد لعهد جديد يترك فيه الناس وما يختارون بعد أن وضحت الرسالات، وتعددت الآيات، (ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون).