/ صحفة 191 /
القيمة الا بالرغم مني، والانسان معرض للنسيان، ورثه عمن قبله، وفي المثل (ان الموصين بنو سهوان)(1).
وتلك عذرة ما فيها مرية.
قال: أعطف إلى الموضوع الذي هممت بالكلام فيه، وان طوحني حب تزويدك بما يمكن من عرفان إلى تشعيب المقال، فانني لشديد الرغبة أن أطيف حول اليأس في ناحيتين بارزتين: ناحية صلته بأخيه (الناس)، وناحية اتصاله بزوجه (خندف)، والكلام على الأولى أسبق بالطبيعة.
الياس ـ الناس:
أخوان، ولدا مضر لصلبه لكنهما تفاوتا في حظهما المقسوم لهما، فاليأس كثر نسله ووفر ماله، وهناك ثالثة هي المجد الباقي مادامت الدنيا، ألا وهي أنه في ذروة العمود النبوي، وناهيك بها فخر الأبد وعظمة الأمد.
اما الناس، فكان قليل المال من تبذيره، وإذا ألحت عليه الحاجات حمل على أخيه اليأس فيمده بالمال يواسيه حيناً، ويشاطره حيناً آخر، وما فتىء الناس في اللجاجة عليه حتى ضاق به ذرعا، وأعياه ارشاداً، فقال له مقالة مشفق حان: (غلبت عليك العيلة).
قلت: لقد جر الحديث إلى ما لا يدور في الحسبان من (الناس) أخي اليأس، فما سمعت مذ تلقيت العلم الا أنه (قيس عيلان) فما هذا الاسم المهجور؟ وما وجه غلبة (قيس عيلان) على المهجور؟ وما معنى (قيس عيلان) مع أن الاسم الأصلي محمل التفاؤل.
هذه تعاجيب جديدة، وفي كل مجلس لنا تستقبلني معلومات غريبة تستحث عشاق المعرفة إلى استجلائها مهما شعروا في استفادتها من التثقيل على مشايخهم فرسالتهم التعليم، ولذا أراني في حل من التقدم إليك بالافصاح عن هذه الغرر، والمثوبة عند الله الذي يعطى لمن أحسنوا: الحسني وزيادة.
ــــــــــ
(1) بنو سهوان: بنو آدم، وقد عهد إليه فسها ونسى [مجمع الامثال الهمزة]