/ صحفة 187 /
وشدة بأس هؤلاء الأكراد، وأن اشارة بسيطة منه تسوقهم إلى الموت وهم راغبون، فسولت له نفسه أن يبدل دينه، وأن يظهر في الأرض فساداً(1).
لماذا سموا يزيدية؟
ربما كان من الصعب على المرء أن يتحرى أصل الفرق والأديان من ألفاظ أعلامها أو عناوينها التي تشتهر بها، فقد حدث في هذه الأسماء وهاتيك العناوين تحوير وتحريف، ودخلها تبديل وتغيير، فلا يصح ـ والحالة هذه ـ الركون إلى اشتقاق الكلمات في معرفة أصل المعتقد.
والذين حاولوا معرفة (اليزيدية) من نسبة لفظهم، لم يتفقوا على الأصل الذي تنسب إليه هذه النحلة أو اشتقت منه، فحاول البعض أن ينسبهم إلى يزيد ابن أنيسة الخارجي، ورأى أنهم فرقة من فرق الخوارج، فاستراح من تعليل غرائب معتقداتهم مادامت غرائب المعتقدات الإسلامية موجودة في الخوارج، ولكن شتان بين معتقدات الخوارج القائمة الإسلامية موجودة في الخوارج، ولكن شتان بين معتقدات الخوارج القائمة أسسها على المعتقد الإسلامي وبين معتقد اليزيدية، وانقسم المستشرقون على أنفسهم في معرفة منشأ هذه النحلة، فحاول بعضهم أن يجد في كلمة (يزدان) أصلا لهذه الفرقة، ناسباً معتقدها إلى دين آرى، ورأي البعض الآخر أن الكلمة مشتقة من لفظة (يزد) المدينة الايرانية المعروفة بوصفها مركز ديانة المجوس.
أما السمعاني صاحب كتاب (الانساب) المتوفى سنة 562 هـ (1166 م) فقد ذكرهم باسم (اليزيدية) بطرحة، ونسبهم إلى يزيد بن معاوية الأموي نسبة واضحة لا لبس فيها ولا غموض، قال:
(وجماعة كثيرة لقيتهم بالعراق، في جبال حلوان ونواحيها من اليزيدية، وهم يتزهدون في القرى التي في تلك الجبال، ويأكلون الحال، وقلما يخالطون الناس، ويعتقدون الأمانة ـ يريد الامامة ـ في يزيد بن معاوية وكونه على الحق، ورأيت جماعة منهم في جامع المرح ـ يريد جامع المرج ليستقيم المعنى(2) ـ عند

ــــــــــ
(1) مجلة الرسالة (12 ـ 255) العدد 559.
(2) يريد المرج ـ بالجيم ـ قال ياقوت الحموي [ 8 ـ 16 ] مرج القلعة بينه وبين حلوان ا هـ. ونسخة (الانساب) التي صورها ماركليوث ونشرها في سنة 1912 م، مغلوطة جدا، وفي الأستانة نسخ أخرى غير مصورة لكنها أصح من هذه.