/ صحفة 149 /
وأما الشافعية والمالكية والحنبلية فأجازوه في السفر على خلاف بينهم فيما عداه من الأعذار كالمطر والطين والمرض والخوف، وعلى تنازع في شروط السفر المبيح له(1).
حجتنا التي نتعبد بها فيما بيننا وبين الله سبحانه في هذه المسألة وفي غيرها إنّما هي صحاحنا عن أئمتنا (عليهم السلام)، وقد نحتج على الجمهور بصحاحهم لظهورها فيما نقول، وحسبنا منها ما قد أخرجه الشيخان في صحيحيهما، واليك ما أخرجه مسلم في باب الجمع بين الصلاتين في الحضر من صحيحه إذ قال:
حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً(2) في غير خوف ولا سفر.
(قال): وحدثنا أبوبكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو ابن دينار عن أبي الشعثاء جابر بن زيد عن ابن عباس قال: صليت مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمانياً جميعاً، وسبعاً جميعاً، قال عمرو بن دينار: قلت يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، قال: وأنا أظن ذلك(3) ا هـ. قلت: ان يتبعون الا الظن وان الظن لا يغنى من الحق شيئا.
ــــــــــ
(1) وذلك أن منهم من اشترط سفر القربة كالحج والعمرة والغزو ونحو ذلك دون غيره، ومنهم من اشترط الا باحة دون سفر المعصية، ومنهم من اشترط ضربا خاصا من السير، ومنهم من لم يشترط شيئا فأي سفر كان وبأي صفة كان يراه مبيحاً للجمع، والتفصيل في فقههم.
(2) لعلك لا تجهل أن اصطلاحهم في الجمع بين الصلايتن إنّما هو ايقاعهما معاً في وقت احداهما دون الأخرى جمع تقديم أو جمع تأخير هذا هو مراد المتقدمين منهم والمتأخرين من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، وهذا هو محل النزاع كما سمعته في الأصل.
(3) وهذا الحديث أخرجه أحمد بن حنبل من حديث ابن عباس ص 221 من الجزء الأول من مسنده، وفي تلك الصفحة نفسها أخرج من طريق آخر عن ابن عباس أيضاً، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة مقيما غير مسافر سبعاً وثمانياً.
/