/ صحفة 142 /
اهتماما، ولا تشغل نفسك بهم، ولا يداخلك شيء من الأسى والحزن عليهم، وسر في طريقك حاسما، فانك لا تهدي من فسدت طبيعته، وساءت نيته، وهذا شبيه بما جاء في قوله تعالى من هذه السورة أيضاً (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) وفي هذه الآية يقول الله تعالى عن اليهود الذين التووا وضلوا عن سواء السبيل بسماعهم للكذب، وأكلهم للسحت، وتجسسهم على المسلمين، ونقضهم للعهود، وانحيازهم إلى أهل الباطل (أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي، ولهم في الآخرة عذاب عظيم) وإنّما لم يرد الله أن يطهرهم، لأن سنته في خلقه أن يخلى بين الناس وما يختارون، وألا يهدى من أعرض عن النور المبين مستكبراً معانداً، وذلك ما جاء به القرآن في غير موضع: (ان الله لا يهدي القوم الكافرين) و (لا يهدي من هو كاذب كفار) و (لا يهدي من هو مسرف كذاب) و (كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد ايمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات، والله لا يهدي القوم الظالمين).
وقد جاء في سورة المائدة هذا المعنى موجهاً توجيهاً واضحاً إلى أهل الكتاب إذ يقول الله جل شأنه: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير، قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور باذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم).
* * *
أما بعد: فمتى يفهم اتباع الاديان هذه الحقيقة ويعملون بمقتضاها؟ نسأل الله أن يهب الناس منه رحمة، وأن يريهم الحق حقا فيتبعوه، والباطل باطلا فيجتنبوه (ان الله رؤوف بالعباد).