/ صحفة 134 /
وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام ـ وعدّ عليه أمور الإسلام ـ فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله … فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عباد الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك). فقال النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء تقرؤه عليّ؟ قال جعفر: نعم ـ وتلا عليه سورة مريم من أولها إلى قوله تعالى: (فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا، قال اني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا، وجعلني مباركا أينما كنت، وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا، وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقيا، والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا).
عطف النجاشي على المهاجرين إلى الحبشة:
فلما سمع البطارقة هذا القول مصدقا لما في الانجيل دهشوا، وقالوا: هذه كلمات تصدر من النبع الذي صدرت منه كلمات سيدنا يسوع المسيح، وقال النجاشي ان هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا والله لا أسلمكم!
وسأل النجاشي جعفر بن أبي طالب مرة أخرى عما يقول الإسلام في عيسى ابن مريم فقال: يقول هو عبدالله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، فأخذ النجاشي عودا وخط به على الأرض، وقال ـ وقد بلغت منه المسرة أكبر مبلغ ـ ليس بين دينكم وديننا أكثر من هذا الخط.
فهذا هو الود الذي كان بين المسلمين والنصارى، وهذا هو العرفان من النصرانية بدين الإسلام حين كانت القلوب تصفو من العوامل التي من شأنها أن تصرف عن الحق، وتدعو إلى العناد.