/ صحفة 121 /
تراخياً وضعفا، لا حلماً وصفحا، وانتهى أمره إلى الاضطراب والعجز، واجلب الباطل على مبدئه مزاحماً اياه، مناضلا له، معوفا سعيه.
ما يتناوله البحث في هذه النظرة:
وقد سبحت السورة في تقرير هذين الأمرين سبحا طويلا، ولكن الأمر مع ذلك يقتضينا الا نقصر الكلام فيما جاء بهذه السورة، فان ما جاء بها مرتبط بتاريخ طويل يتصل بالعلاقة بين أهل الكتاب ـ من يهود ونصارى ـ وبين الدعوة الإسلامية ورسولها الكريم، ولابد من استحضار هذا التاريخ للاستعانة به على ادراك الأمر ادراكا واضحاً، وعلى هذا سيتناول درسنا هذه النقط:
موقف اليهود من الدعوة الإسلامية، وموقفها منهم.
موقف النصارى من الدعوة الإسلامية، وموقفها منهم.
لابد للمصلح من الجهر بالحقيقة كاملة، دون مراعاة لأية عاطفة من حزن أو خوف أو مجاملة.
الحقيقة الكاملة التي يجب أن تعلن للناس جميعاً باسم الإسلام، هي أن الله لا يعبأ بمجرد الانتساب إلى الاديان، دون اقامة ما أنزل الله من الكتب والعمل به في اخلاص وصدق، ولا يفرق في ذلك بين دين ودين.
1 ـ موقف اليهود من الدعوة الإسلامية وموقفها منهم
نضال الدعوة مع المشركين في مكة:
هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنون، من مكة إلى يثرب بعد نضال شاق مع المشركين، طال أمده ثلاث عشرة سنة، واحتملت فيه دعوة الحق ألوانا من المكاره والايذاء والاضطهاد، وهي الدعوة الواضحة البيضاء التي لا تدق على العقول، ولا تعزب عن الافهام، ولكن أحداً لم يكن يتوقع أن يلاقى المشركون الدعوة الإسلامية الا بما لاقوها به من النضال المر، والمعارضة الشديدة، لانهم وثنيون لا عهد لهم بكتاب من قبل رقت به قلوبهم، أو تهذبت نفوسهم، أو سمت عقولهم، ولانهم أميون لا يقرءون ولا يكتبون، وقد