/ صحفة 107 /
والتعزز؟ وان لم يؤثر فما هو التعبير أو ما هي التعابير التي يمكن أن نستعملها ونعول عليها مكان هذا التعبير الفرنسي البغيض الذي ملته أسماعنا، وسئمت منه نفوسنا؟؟ والحق أن حافظ ابراهيم لما قال: (لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي) لم يكن السأم من هذا التعبير بلغ حد الكثرة، وما يدرينا أن شاعر مصر هو أول من استعمله وتتابع الناس على أثره، ثم غلوا وأفرطوا.
لا توجد أمة كالأمة العربية أكثرت من التفنن في التعبير عن ابائها وعزة نفسها قال بعض حكماء العرب: (أحب الرجل إذا سيم خطة خسف أن يقول لا: بملء فيه) أما ما يفيد معنى رفع رأسهم عالياً أو ما يفيد لهجهم بمناقبهم ومحامدهم افتخاراً، فأشهر ما يدل عليه قول شاعرهم يعير بني تغلب بغلوهم في الفخار.
الهى بني تغلب عن كل مكرمة قصيدة قالها عمرو بن كلثوم
يروونها أبدا مذ كان أولهم يا للرجال لشعر غير مسؤوم
ولو أراد أحد كتابنا اليوم أن ينقل معنى هذا الشعر إلى الاسلوب الدارج، لقال: ما زال بني تغلب يرفعون رأسهم عالياً كلما أنشدت أو ذكرت معلقة شاعرهم حتى أضجرونا.
ومن عادة العرب إذا أرادوا الدلالة على الاباء والترفع عن المخازى باشارة أو حركة من أعضائهم لا يدلون على ذلك برؤوسهم أو رفعها كما يفعل الافرنج وإنّما يدلون عليها بمواضع أخرى من أعضاء رؤوسهم: كالأنف والعنق والجفن، قال الزمخشري في الأساس في مادة: (لمظ) ما يستدل منه على أن العرب كانوا يقولون في مقام الافتخار والتمجد. فلان يرفع حاجبيه فخاراً، فقد قال شاعرهم في ممدوحه:
لقد كان متلافا وصاحب نجدة ومرتفعاً عن جفن عينيه حاجبه
قال الزمخشري: (أي أنه لم يأت بخزية يغض لها بصره).
واعتادوا أن يخصوا الأنف وارتفاع نصبته بالدلالة على العزة واباء الضيم، ويجعلونه آيه على ذلك، ويسمون هذا الارتفاع الشمم: