/ صفحه 414/
تتعارض من تعاليم الإسلام، إما من كل وجه أو من بعض الوجوه، ففكرة قدم العالم، وفكرة الفيض، والقول بالطبع في شأن العلة الأولى، والقول بأن العلة الأولى مادة رقيقة على نحو قول الرواقيين، والقول بعدم مسئولية الإنسان أمام الموجود الأول
لايعرف مايدور في العالم، وبالتالى ليس مريداً للشرقية. وأمثال هذه الافوال كانت محور المعارضة من جانب أو دفع هذه المعارضة من جانب آخر.
لهذا لم يأت المسلمون في إلهيات الاغريق وأخلاقهم بجديد يعد بناءً واستمراراً في تطور الفكر الإغريقى، كما لم يتأثروا بهذا الفكر في هاتين الناحيتين، تأثراً إيجابياً بحيث يصور في نفسه مرحلة تعد لاحقة لما قبلها ومقدمة لما بعدها.
و لكن مع ذلك بصح أن يقال: أن الفكر الإسلامي الفلسفي عند ما نقل إلى الغرب لم يكن هو نفس الفكر الاغريقي الذي نقل إلى المسلمين أولا، بل الذي نقل إلى الغرب عن المسلمي، كما يمثل الفكر الاغريقي يمثل الكفاح العقلي للمسلمين حول مبادىء الفكر الاغريقي في هذين الجانبين: الالهى والأخلاقي على وجه أخص. هذا الكفاح الذى طال أمده، واتسعت رقعته، واشتركت فيه أجيال متعاقبة من علماء المسلمين في شرق الدولة الإسلامية ومغربها.
ولهذا لاأعتبر تعليق أمثال جولد زيهر الهنغارى، وهارتمان الالماني وكارادى فوالفرنسي من المستشرقين، وأخالفهم الرأي فيما يقولونه، فهم يذهبون إلى أن المسلمين لم يستطيعوا أن يهضموا الفكر الاغريقي، ولذا لم يكن لهم بناء في مدارس الاغريق، ويعللون ذلك بأن العقل العربي يستطيع النقليد والمحاكاة، ولكنه لا يقدر على البناء.
لا أميل إلى اعتبار هذا التعليق اعتباراً علمياً من جانب أمثال هؤلاء المستشرقين لان السبب في أن العقل الإسلامي لم يأت بجديد في الفكر الاغريقى الالهى يعد استمراراً في تطوره ـ يرجع إلى أن في الفكر الاغريقى القديم ما يعارض
تعاليم الإسلام، ولهذا اتجه العقل الإسلامي بعد أن اطلع على الفكر الاغريقي من أول