/ صفحه 317/
يشترى منه عفواً عن مثلها يأتيها حرب بن أمية، وأبي بن خلف وغيرهما من فتاك مكة وعصابتها. وانتهي آخر الأمر إلى (أبي قبيس) يشكو أمره إلى قريش مجتمعة، بعد أن شكا إلى أكثرها متفرقة، راجياً أن يكون لشكواه المعلنة شأن وتأثير، ويرسله ـ كما سمعنا ـ صوتا يهوى من العلياء كما ينزل الصوت من السماء.
قال عمار متابعاً: ولقد جهدت أن أحس وقع هذا الصوت العادل، وأرى إلى أثره المرجو في هذا الحرم من وطن السلام، فلم أجد غير قفر يبسط ظله الصحراوى على كل مكان إلا واحة تنشز فتهتز للنداء اهتزاز نجدة وأريحة وإيمان.
قال ياسر: لعلك انقلبت عن نادى الزبير بن عبدالمطلب؟
فقال عمار: ما أعملك بهؤلاء النفريا أبته؟ وقد تركته يتحرك في اتجاه حلف يضع حداً لهذه المهازل، لكأنك تنظر إليه بما حدثتني عن رجل الانقلاب وصاحب الساعة.
قال ياسر: ما ظننته هو بالذات، وما أظنه صاحب الساعة التي أعنى، وإن كان لمن معدآنها وأسبابها. ومالك تعجل ولكل أجل كتاب؟
قال المحدث: وولع الصبي بعد ذلك ولوعه الهائم بالعدل، وأولعه العدل بالهاشميين ذلك الولوع الهائم أيضاً. وكان بكر اهتماماته اهتمامه بنتائج صفقه الزبيدى.
غدا على أبيه مرة عادياً، وقص عليه قبل أن يلفظ أنفاسه النبأ التالي:
أثمر مسعي الزبير بن عبدالمطلب، فاجتمع له مؤتمر عقده في دار عبدالله بن جدعان التيمى، وألفه من بنى هاشم وبين أسد وبني زهرة وبني تيم، وحضر معهم تربي (الصادق الامين) فتماسوا بأكفهم، وتحالفوا ليكونن مع المظلوم حتى يؤدوا له حقه، ما بل بحر صوفة، فلا يظلم بمكة غريب ولا قريب، ولا حر ولا عبد إلا كانوا معه حتى يردوا له مظلمته من أنفسهم ومن غيرهم، وتحالفوا على التأسي في المعاش، والتساهم بالمال أيضا. وقد أسمى الزبير حزبه هذا (حلف الفضول). وكانت أولي ثمراته انقاذ حق الزبيدى من فرعون بني سهم.
وأقبل على أبيه ذات يوم يقص عليه: دخل السوق تاجر من بني بارق فباع