/ صفحه 294/
العامل الرابع: الثقافات الغربية المعاصرة من المذاهب الاجتماعية والاقتصادية:
والاستعمار الغربي وإن خلف الصورة السابقة في الدراسات الإسلامية، فإنه من جهة أخرى زاد اتصال الشرق الإسلامي بالغرب. ولعل زيادة الاتصال هذه كانت إحدى نتائجه المباشرة، لان الشرق لم يتصل بالغرب اتصال المتكافئين، وإنما اتصال التلميذ بالعلم، واتصال صاحب الحاجة بالمانح، وهذه الظاهرة حتما من خلق الاستعمار ومن طبيعته، فالمستعمر سيد والشعوب المستعمرة رعاياه.
وزيادة اتصال الغرب بالشرق مكنت للشرق بوسيلة وبأخرى أن يقف على ثقافة الغرب المعاصرة. وعلى الاخص ما يعد منها في منزلة الموجه للحياة الغربية الحاضرة وقف الشرق على مذاهب الديمقراطية، والشيوعية، والفاشية، و
الرأسمالية، والاشتراكية من تلك مذاهب التي تقود الدول الحديثة اليوم في مجال الصراع الدولى. كما وقف على آثار هذه المذاهب في السلوك العملى للأفراد والجماعات.
و إذا وصلت هذه الاتجاهات إلى الشرق الإسلامي لا تصل إليه وتعيش على هامش الحياة الفكرية فيه. لان حملتها إما من أرباب الافلام فيه، أو أصحاب رسالة توجيهية في الجامعات والمعاهد العليا، أو أصحاب رغبة في ممارسة فن الحكم في بلاد هذا الشرق الإسلامي.
و إذن سيكون لها احتكاك بالتراث الشرقي الإسلامي الموروث، وإذن سيثار حولها ـ لها أو ضدها ـ نقاش عقلي، وإذن ستتلمس المناقشة من ا فهام الإسلام عوناً لتأييدها أو معارضتها، وأخيراً سيخلق احتكاك الثقاقة الغربية الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة نوعا من الدراسة الإسلامية. وسيضيف اتجاها أو آخر إلى الاتجاهات العديدة التي أشرنا إليها والتي تكونت منها الدراسات الإسلامية.
وقد يكون من بين هذه الاتجاهات ما يتعارض مع مبادىء الإسلام معارضة واضحة.