/ صفحه 278/
ونظر إلى الأُمة والشعب نظرة مزدوجة: كجماعة وكأفراد، للجماعة واجبات على الافراد، وعليها حقوق لهؤلاء الافراد. وبالتالي على الافراد واجبات يؤدونها للجماعة، ولهم حقوق تعطي لهم من هذه الجماعة، فعلي الجماعة وهي الممثلة الآن في ا لدولة ـ أن تهىء للأفراد، وهم رعاياها، فرص الحياة المختلفة: فرصة العمل، فرصة التعليم، فرصة التداوى والتمريض. ولمن يعجز عن العمل لعاهة مستديمة أو مؤقتة يجب على الدولة أن تكفل له لون الحياة الذي ارتضاه لنفسه قبل عجزه وقعوده بسبب هذا العجز عن العمل، وكذلك تكفل لمن وجبت عليه نفقة معيشته في الحياة، حسبما كان يؤديها ذلك العاجز قبل عجزة.
و للجماعة ـ وهي الدولة ـ نظير ذلك أن تتقاضي من الافراد ضريبة الدم في الدفاع عنها عند الاعتداء عليها، وقسطاً معينا من أرباحهم المالية ـ التجارية أو الزارعية ـ وقسطا معينا مما اكتسبوه بخبرتهم، وفنهم، ومعرفتهم، فأرباب الخبرة الهندسية والقانونية ورجال العلم والمعرفة وأصحاب الانتاج الفني كالكتاب الدباء يجب ألا يحبسوا خبرتهم وعلمهم وفنهم عن مواطنيهم ودولتهم، وللدولة أن تجندهم وقت الضرورة لدفع الكورث،أو لتحقيق مستوى رفيع من العيش صحيا واجتماعيا للمواطنين.
وللأفراد أن يتملكوا ما يشاؤون من ضروب الملكية، ويستمتعوا بحرية إبداء الرأي وحرية العقيدة، وليس للدولة أن تتدخل في ذلك إلا بمقدار مايصون حقوق الغير، أو الاساس العام للجماعة الذي يتمثل في نظامها الإسلامي.
و هنا وضع الإسلام نظاما دقيقا لحقوق الجار على جاره، والقريب البعيد والقريب على قريبه، وسكان القرية الواحدة على أهلها (زكاة الفطره مثلا)
و هكذا ابتدأ في تحديد السلوك والمعاملة: من الفرد نحو نفسه، ثم منه نحوغيره في أسرته، ثم منه نحو غيره من مجاوريه في السكن، ثم منه نحو أهل قريته، ثم منه نحو أهل القرية المجاوة، ثم منه نحو الدولة العامة وهي جماعته.
و هذا النظام نظام نفسي ومالي: يتمثل في المشاركات الوجدانية، في حالات