/ صفحه 276/
الإسلام لا يريد في توجيهه عكس ما في طبيعة الانسان، ولا مناوأة الحياة الواقعة. وإنما يريد التوفيق بين ما في طبيعة الانسان نفسه وواقع الحياة كما هي .
و رسالة الله بين خلقه من البشر لا تختلف أبداً عن طبائعهم، ولا تتعارض كذلك مع حياتهم. إنما هي رسم لمنهج بيلائم الامرين معاً، يلائم طبيعة الانسان وحياة البشر. قصد به تجنيب الانسان الزلل والانحراف عن طبيعته في حياته.
الانسان المادى في نظرته إلى الحياة وفي تنمية استعدادات نفسه الفطرية وفي علاقته بالآخرين في جماعته وفي عالمه ـ انسان لا يسير وفق الطبيعة الانسانية كما هي، بل هو إنسان منحرف.
والانسان الروحي في فهمه للحياة وفي سلوكه فيها إنسان ارتفع من هذه الحياته وبنى له عشاً في عالم آخر. وهو ليس ذلك الانسان الذي أرادالله بتوجيه إياه أن يسكن هذه الحياة، ويعمرها، ويستخدم ما فيها من جوانب مختلفة لمصلحة الانسانية وخير البشرية عامة.
اذن، الانسان المادى الروحي هو إنسان هذه الحياة، وإذن التوجيه المادى الروحي للانسان هو التوجيه السليم، وإذن رسالة الله للانسان لا بد أن تتضمن هذا اللون من التوجيه، وإذن استقامة الانسان نفسه واستقامة جماعته وعلله يتوقف
على التوجيه المزدوج، على توجيه الانسان صاحب الروح والبدن، وصاحب الادراك العقلي يصعد به إلى وراء المادة، وصاحب الحركة الجسمية التي تقيده بأرض هذه الحياة:
للفرد أن يملك في الإسلام، ولكن ليس له أن يطغى بما يملك على غيره.
و للفرد أن يفكر كما شاء وحيثما شاء، ولكن لا يصح أن يلحق تفكيره ضرراً بغيره. للفرد أن يعتقد فيما يشاء وبما ايشاء، ولكن لا يصح أن يفرض ما يعتقد على غيره، ولا أن يعتقد ما يسيء إلى كرامته كإنسان له منطق وإدراك. للفرد أن يفترق، ولكن في زواجه وفي افتراقه يجب أن يتزوج، وله بعد أن يتزوج أن يكون بعدياً عن الإيذاء المادى والنفسي في عشرته وفرقته، يجب أن يكون