/ صفحة 26/
وهؤلاء في الحقيقة موازنون بين رضا الله ورضا أنفسهم وأهليهم وشهواتهم، فيؤثرون ذلك على الله، وبئس ما يصنعون .
مصانعة الأعداء لاحتمال تغلبهم:
2 ـ ومن ذلك أن ينظر المرء إلى عدوه نظرة الخوف من تغلبه عليه، وهذا هو المذكور بقوله تعالى "فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم، يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة". وهو شأن كثير ممن تبتلي بهم
دعوات الإصلاح والخير: في قلوبهم دائماً فزع، ينظرون إلى غدهم متوجسين منه شراً، ولا يستطيعون أن يواجهوا أهل الباطل أقوياء ثابتين، وإنما يقفون أمامهم متزلزلين خائفين، وإن ضرر هؤلاء على أصحاب الإصلاح لشديد، بل هم أشد من الأعداء السافرين، وقد دلت التجربة الصادقة على أنه لإصلاح لأمر إلاّ إذا كان الدعاة إليها والقائمون عليه مؤمنين به، حاسمين في موالاة أوليائه، ومجافاة أعدائه، أما التوسط في هذا فلا خير فيه، بل هو الشر كل الشر .
ابتغاء العزة والسلطان عندهم:
3 ـ ومن ذلك أن يبتغي المرء بموالاة عدوه شيئاً من العزة والسلطان والجاه، فتراه يتشبث بأهدابه، ويترخص في مجاملته وموالاته وهو يعلم أنه عدو الله، ولعله لا يبذل مثل هذه المجاملة والموالاة لأصحابه، ويعلل هذا وذاك بأنه كياسة ولباقة ومداراة واتقاء لقالة السوء، وما هو في الحقيقة إلاّ ضعف وكلال وسوء تصرف، وقد ذكر هذا في قوله تعالى: "الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، أيبتغون عندهم العزة، فإن العزة لله جميعاً".
هذه، غالباً، هي الأسباب التي تبعث على مصانعة الكافرين واتخاذهم أولياء، كما يشير إليها القرآن الكريم .
اتقاء شرهم:
وهناك موضع يحتاج إلى بعض الإيضاح، وهو ما استثناه القرآن الكريم في قول الله جل ذكره: "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين