/ صفحه 207/
في الوصف، ومهما استعان بقدرته البيانية، فإنه لن يستطيع أن ينقل إلى القلوب بواسطة بيانه، هذا الذي أدركه.
ما فائدة علوم البلاغة ـ إذن ـ؟:
إن الشيخ عبدالقاهر يؤكد أن دراسة هذه العلوم ضرورية جداً لمعرفة الاعجاز، وأنها ا لوسيلة لها، ولذلك يرى الصادَّ عنها كالصاد عن سبيل الله، ويدق عبدالقاهر حين يذكر أن مجرد هذه الدراسة لا يغنى في هذه الغاية، بل لابد عنده من أن يكون الدارس ذا ذوق يساعده على الادراك، لا سيما أنه حاول أن يفاضل في كتابه بين بعض الكلمات وبعض، ولم يستطع أن يهدتي إلى علة صحيحة، فهو مثلا يوجه نظرك إلى أن كلمة "شيء" قد تحسن في موضع وتقبح في موضع، ولكنه لا يذكر لماذا حسنت هنا وقبحت هناك.
والسكاكي وإن جعل الوسيلة لادراك الاعجاز الذوق، إلا أنه يرى أنه لا سبيل لتكوين هذا الذوق إلا بطول خدمة علمّي المعاني والبيان، وما دام الذوق الفطرى الذي كان عند العرب الذين أدركوا إعجاز القرآن بسلائقهم ليس موجوداً فلا مندوحة لنا عن أن نكون أذواقا جديدة، ودراسة علوم البيان هي سبيلنا إلى ذلك.
وما من شك في أن دراسة البلاغة على الطريقة النقدية، وعلى الطريقة الوسطى، تساعدنا كل المساعدة على الوصول إلى هذه الغاية، وربما أعانتنا على ذلك الطريقة السكاكية، إذا استطعنا أن نعرضها في معارض أخرى، أنصع بيانا، وأقشب ثوبا؟.