/ صفحه 203/
هذه هي جماع الاغراض التي ذكرها القدامى والمحدثون من دراسة البلاغة، فهل استطاعت أو تستطيع هذه الدراسة أن توصلنا إليها؟
وقبل أن نجيب على هذا السؤال نحب أن نفصل القول في الطرق التي سلكها العلماء في هذه الدراسة، ويبدو لنا واضحاً أن الدراسة في علوم البيان اتخذت مناهج ثلاثة:
الأول: الطريقة النقدية: وهي طريقة تعني بالشواهد وتحليلها: ويمثلها عندى كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه، وكتاب الموازنة بين أبي تمام والبحترى.
الثاني: الطريقة التقعيدية، وهي طريقة تعني بوضع الضوابط، والتدقيق في تحديدها، ويمثلها عمل السطاكى ومن
تابعه.
الثالث: الطريقة الوسطي، وهي تجمع بين الطريقتين السابقتين، فهي تعني بالشواهد، كما تعني بالقواعد، وإن كانت لا تدقق في الضبط كطريقة السكاكى، ويمثلها كتاب "الصناعتين" وما أشبه، ثم نعود إلى السوال، فنقول في الجواب عنه: إن الاغراض الأُخرى غير الاعجار قد تحققها الطرق الثلاثة، وإن كان بعضها أكثر إعانة على هده الاغراض من بعض غير أن بعض الباحثين من المحدثين لا يرون للطريقة السكاكية جدوى، بل يراها بعضهم تؤدى إلى عكس المقصود، وفي ذلك يقول الشيخ عبدالعزيز البشرى، بصراحته المعهودة، وسخريته اللاذعة: (فوق التعقيدى الشديد في عبارات هذه الكتب، والمبالغة في إبهامها وغموضها، فإن ملاك البحث فيها إنما هو الجدل اللفظى، والاعتساف في بحوث فلسفية لا غناء لها في صنعه البيان، بل إننى لازعم أنه لو كان هناك من يريد التخلص من قصاحة اللسان وفصاحة البيان،فليس عليه أكثر من أن يدرس هذه الكتب حق درسها ويديم النظر فيها، ويقلب في عباراتها لسانه وفكره، ليكون له كل ما بحب إن شاءالله!".
أما الاعجاز، هل تمكن معرفته أو لا تمكن؟ فهنا فقف!