/ صفحه 156/
و اتخاذه إماما مرجحاً وهادياً في الحوادث، والانساب; وسنداً قاطعاً في اللغة والادب; احتراماً لا سبيل إلى دفعه، ولا إلى الشك فيه.
يروى المفسرون، كالزمخشرى، والبيضاوى: أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قرأ على المنبر مرة، قوله تعالى: "أمامن الذين مكروا السيئات إلى قوله: أو يأخذوهم على تخوف; ثم قال للصحابة: ما تقولون فيها؟ أي في معني هذه الآية، وغرضه السؤال عن معني التخوف; فسكتوا; فقام شيخ من هذيل فقال: هذه لغتنا: التخوف: التنقص. فقال عمر: وهل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟
فقال:نعم; قال شاعرنا أبو كبير، يصف ناقته.
تخوف الرجل منها تامكا قرداً * * * كما تخوف عود النيعة السفن
فقال عمر: عليكم بديوانكم، لا تضلوا; قالوا: وما ديواننا؟ قال: شعر الجاهلية، فإن فيه تفسير كتابكم، ومعاني كلامكم (1) ومعني البيت: أثر الرحل في سنام الناقة، فأكله وتنقصه كما يتقص السفن أي المبرد أو القدوم عود النيعة الذي يعمل

ـــــــــــ
1- انظر البيضاوى في تفسير سورة النحل.
والذي في اللسان ج 17 ص 72:" المسفن والسمفن والشفر أيضاً: فدوم تقشر به الاجذاع; وقال ذو الرمة يصف ناقة أنصاها السير:
تخوف الرحل منها تاكا؟؟؟ قرداً * * * كما تخوف عود النبعة السفن
يعنى: تنقص. والسفن: ما ينحث ؟؟؟ به الشيء... الخ.
و تمك السنام يتمك، تموكا وتمكا: اكتنزوتر، أو طال وارتفع، وناقة تامك: عظيمة اسنام، وقرد الشعر والصوف "بالكسر" يقرد قردا، بالفتح فيهما فهو قرد: تجعد. 1 هـ
أقول: والاستشهاد صحيح قائم، سواء أكان القائل أبا ذؤيب أم ذاالرمة.

منه القوس.
* * *
فالامر الذي لا شك فيه، أن الأدب الجاهلي، وبخاصة الشعر، حجة في اللغة، وحجة في أسلوب اللغة، في نظر الإسلام; فحطانياً كان ذلك الشعر أو عدنانياً;