/ صفحه 147/
يحتجون بكلام الجاحظ:
هذا وللجاحظ كلمة كثيراً ما رأينا شداة التاريخ الإسلامي من عرب ومستعربين يحتجون بها في هذا ا لباب، وهي قوله: "دولة ولد العباس أعجمية خراسانية، ودولة بني مروان عربية أعرابية" (6) ومن رأينا أنها كمة لا تصلح للاحتجاج فيما نحن فيه; لان صاحبها قالها في معرض المقارنة بين الدولتين من حيث استخدام الشعر والكلام العربى البليغ لحفظ الوقائع، وتقييد المآثر وتخليد المحاسن.

ـــــــــــ
1- كان قحطبة يقارن بأبي مسلم صاحب الدولة، ولال قحطبة دالة كبيرة على العباسيين الأول، ولما وقع أحد الماويئن للمنصور من آل قحطبة أسيراً في يده لم ينتقم منه وقال: "لست أقتل أحداً ومن آل قحطبة، بل أهب مسيئهم إلى محسنهم، وغادرهم لوفيهم". البيان والتبيين (2/156).

2- المشهور ابن قريظ لا ابن طريز.
3- انظر عن هزيمته في خراسان الكامل (5/192) وعن مقتله في حرب واسط المصدر نفسه (209 - 211)
4- قتله قحطبة سنة 131، وما رؤى عسكر يجمع شتي المؤن والالات والذخائر كعسكر ابن ضبارة، وكان يسمي: "عسكر العساكر" حتى كأنه مدينة، انظر عن ذلك الكامل (5/189 - 19) وتاريخ ا لطبرى (9/94 - 95) ونجد لعامر بن ضيارة الغطعاني المري المشار إليه ـ وهو من أهل حوران ـ ترجمة في تاريخ دمشق لابن عساكر (7/155 - 1456)
5- انظر عن مقتل نباتة بن حنظلة ومن معه من أهل الشام على يد قحطبه تاريخ الطبرى "9/105 - 106) وهذه الواقعة بين قحطبة وابن ضيارة كسابقتها من الوقائع الحاسمة في هذا النزاع. ولا شك أن الكفاح كان مريرا جدا في خراسان والعراق بين عمال الامويين وبين أنصار الدعوة العباسية في هذه المرحلة من مراحل ا لنزاع، أنظ ر الكامل لابن الاثير "5/184" ويراجع عن أخبار قحطبة "183، 188 - 192" من المصدر المذكور، وتاريخ ا لطبرى "9/104، 114، 116، 117" وعن مكانة القحاطبة في الدولة العباسية وحرمتهم ودالتهم على المنصور البيان والتبيين "2/156 "
6- البيان والتبيين، المطبعة العلمية "2/154 "
و من رأي الجاحظ أن العصر الاموى امتاز بهذا الضرب من الأدب البدوى العربي، والعرب وهم أميون أحفظ وأوعي لما يسمعون، وأكثر عناية بالاشاد وضرب الامثال. ومن رأيه كذلك أن أنصار بني العباس قصروا عن الامويين في حفظ وقائعهم وتدابير ملوكهم وسياسات كبرائهم في أهل الشام وما جرى لهم في هذا السبيل من حر الكلام وشريف المعاني في الدولة العباسية، إلى أن قال: "كان فيما قال المنصور وما فعل في أيامه وما أسس لمن بعده منا يفى بجماعة ملوك بني مروان"(1).
أولع الجاحظ بتكرار هذا المعني في كتبه(2) على وجه يؤكد لنا أنه لم يقصد بالكلمة المذكورة إلا الناحية الادبية العربية دون السياسية، وقد عقد في رسالته التي سماها (مناقب الاتراك) فصلا قارن فيه بين العرب والعجم من حيث استخدام