/ صفحه 144/
من الأمراء، وكانوا ينسبون إلى المدن الخراسانية والفارسية فيقولون: رازى، وأصفهاني، ومروزى، وكرماني; لانهم ولدوا أو أقاموا فيها لاغير، وهم عرب صرحاء، والامثلة على ذلك كثيرة. وهذا (الكرماني) وهو من أشهر رؤساء خراسان في أواخر عصر بنى أمية، وأخباره كثيرة في هذه الفترة من التاريخ وقدر ذكر بعضها ـ قد نسب إلى كرمان; لانه ولد فيها وما هو إلا عربي قح، وكان يقال له: (شيخ خراسان وفارسها) في العصر المذكور.
و قد ألف العرب هذا التنوع من الانتساب إلى حيث يولدون أو يقيمون من بعض البلاد الفارسية أو التركية، ألفوا ذلك حتى أواسط عصور الدولة العباسية أو بعد ذلك، فهذا أبو الفرج الاصفهاني قد اشتهر بنسبته إلى أصفهان وهو كما لا يخفي من أرومة أموية، بل كان نزيل بغداد.
و في كتب الفتوح ذكر الخطط العرب ومنازلهم في البلاد المذكورة(2) وقد أشار غير واحد من الكتاب والمؤلفين إلى فعل البيئات الاجنبية من تركية وخراسانية وغيرها وأثرها فيمن نزل بها من القبائل العربية، فمن نزل من العرب (فرغانة) لا تستطيع تمييزه عن أهل (فرغانة) في السحنة واللون والهيئة، ومثلهم في ذلك من نزلوا في غير (فرغانة) من الخطط والاقاليم التركية والخراسانية.
و قد وصف الجاحط تأثر بعض هذه القبائل العربية بتلك البيئات(3)، ورأينا
ـــــــــــ
1- انظر خطب نصر بن سيار عامل خراسان في أيام مروان الجعدي، وفي بعضها يقول: "يأهل خراسان، إنكم غمطتم الجماعة، وركنتم إلى الفرقة، السلطان المجهول تريدون وتنظرون؟ إن فيه لهلا كهم معشر العرب" ألاترى أنهم لا يعنون بأهل خراسان إلا العرب في هذه الكلمة؟ ومثل ذلك كثير. وانظر وصية يزيد بن المهلب لابنه مخلد حين استخلفه على "جرجان" فقد أوصاه بأحياء العرب فيها من اليمن وربيعة والكامل لابن الاثير (5/142، 162، 172). ولاحظ الاختلاف في سرد نسب نصربن سيار نقلا عن الطبرى.
2 - انظر عن خطط العرب ومنازلهم وأسماء قبائلهم في آذربايجان ـ فتوح البلدان للبلاذري (336 - 337) .
3- مناقب الا تراك للجاحظ (39)