/ صفحة 70/
وضعاً حقيقياً أو مجازيا. وما ينقل من الاخبار والروايات عن المتشابكين من الطرفين في حرب محلية أو عالمية أمثلة واضحة لما نسميه ((قرائة ما بين السطوره إذ أن الخبر الواحد يفسر بتفسيرين مختلفين حسب ميول أتباع الطرفين وآمالهم.
فالطائرات العشر مثلا التي قيل إنها أسقطت في ميدان الحرب قد تتقلص إلى طائرة واحدة، وقد تمتد إلى مئة.
وأمل التلميذ في النجاح كثيرا ما يجعل تفسيره للالفاظ والتراكيب على الضد مما تعطيه حسب وضع اللغة ومألوفها; بل كثيرا ما يجعل أرقام الحساب خارجة عن دقتها الرياضية. فرقم الواحد المكتوب قد يعتبره مساويا لرقم عشرة، ويعلل تفاوت الكتابة حينئذ بأن ((الصفر)) ترك سهوا. فالامل عنده كفيل بتكميل الناقص، أو كفيل بسد كل ثغرة يرى منها ظلاما في الحياة.
والمقام قد يحمله أمله في الكسب وتحصيل الربح على عدم تصديقه بغياب الرقم الذي يحمله نصيبه عن كشف الارقام الرابحة إذا ما اطلع عليه وقرأه للمرة الاولى. وعلى قدر أمله في الربح يكون تفتيشه عن رقمه، أما باعادة القراءة مرة ثانية وثالثة.. أو بالموازنة بين الكشف الذي وقع في يده وكشوف أخرى يسعى في معرفة مظانها والاطلاع عليها. وكلما اشتد أمله في الربح كلما بعد في الفهم والتخريج للالفاظ والتراكيب والارقام عن المتواضع عليه بين افراد الجماعة المستخدمة لهذه الالفاظ والتراكيب والارقام.
والحزب السياسي الذي يمثل صف المعارضة، بقدر ما يؤمل في الحكم وتوليه زمام السلطة التنفيذية يكون تفسيره لاخبار الازمات السياسية، وتكون ((قراءته لما بين السطور)) وتصبح ((الحبة)) في واقع الأمر ((قبة)) عنده أو يتحول البسيط إلى مركب، والابيض إلى أسود... وهكذا ينقلب الشيء إلى ضده أو نقيضه. والغلبة الحزيية في مجال سياسة الحكم تعتمد في الاكثر على ((قراءة ما بين السطور)) والتبشيير به والترويج له بمختلف الوسائل.