/ صفحة 410/
ان ثم لمواطن تلزمك أن تحمى حقيقتك ما دامت الأرض وما دام عليها نشاط حيوانى.
قلت: ان الكرامة الإنسانية نفسها تقتضينى أن أغضى عن أشياء ما كان لى أن أغضى عنها لو كنت أحيا في وسط بدائى. أترانى - لو سمعت كلمة نابية من سوقى - مكلفاً أن أحمى الحقيقة؟ انكم يا سيدى الشيخ لتعيشون نظراً وقولا في غير النصف الثانى من القرن العشرين، وتودون أن تبعثوا مثلا ونظماً وقواعد سلوك أخنى عليها الذي أخنى على لبد.
قال: بل بصدد مثل ونظم وقواعد سلوك حية ما دامت الحياة، والا فمن كلفك أن تتقارض نابى القول أو تتبادل الصفحات مع كل من هب ودب، أو أنت اذن تحمى حقيقة أم تهينها هوجاً وحمقاً، ألا انك لمكلف أن تعرض عن الجاهلين وأن تلبس لكل حالة لبوسها، انك مستطيع أبداً حفظ انسانيتك الا أن تفارق الروح الجسد، وحينئذ لا تبقى هناك حقيقة أو كرامة الإنسانية تحمى.
قلت: صدقت ((خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)) .
قال: ذلك هو أدب الكتاب المبين، أفلاترى إلى الايجاز وكيف يسمو إلى مرتبة الاعجاز.
قلت: ((خذ العفو)) واحدة ((وأمر بالمعروف)) ثانية ((و أعرض عن الجاهلين)) ثالثة. ثلاث كل منها تصلح مادة مؤلف ضخم.
قال: أو قل ثلاث قصص على الطريقة الفرنجية.
قلت: لعل الله يوفقنى فأعالجها.
قال: لو قلت لعل الله يوفقنى فأفقه هذه المعانى.
قلت: أترون أنى لا أفقهها.
قلت: بل أرى كثيراً ألفواً فيها مؤلفات ضخمة ولا والله ما فقهوها ولو أنهم فعلوا لما رأيت الواحد آحاداً بل عشرات بل مئات.
قلت: الآن أجدنى لا أفهم.