/ صفحة 398/
بالشبهات ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجاً فخلوا سبيله، فإن الامام لأن يخطىء في العفو خير له من يخطىء في العقوبة، وقال عمر: لأن أعطل الحدود في الشبهات خير من أن أقيمها (ص 91 الخراج).
(د) لا يهدر دم في الإسلام - القسامة: -
كثيراً ما يحدث في زماننا بمصر، وفي جميع البلاد ألا يعرف القاتل، فيهدر دم القتيل، أما الشريعة الإسلامية فقد جعلت دية قتله في بيت المال، أي من خزانة الدولة، ويمكن تأصيل سبب هذه القسامة إلى أن الدولة مسئولة عن صيانة الامن والمحافظة على الانفس والاموال، وهذا مثل رائع لما لم تبلغه الشرائع الحديثة من أحكام الشريعة الإسلامية، فالدية على القاتل أو على القرية أو على الدولة لوجوب تقسيم المغارم على الجماعة عند عدم معرفة الفاعل.
وقصة فرتونة السوداء معروفة حيث كتبت إلى عمر بن عبدالعزيز تذكر أن حائطاً لها قصير، وأنه يقتحم عليها منه فيسرق دجاجها، وتسأله تحصين الحائط، فكتب إلى واليه بمصرفاً فاعلى الجدار وحصنه، وكتب إلى فرتونة بما كتب إلى واليه.
(هـ) جريمتا الرشوة والسب والقذف:
مهما بلغت الدقة في اختيار الموظفين، فلا بد أن يوجد بينهم من يتجر بذمته وبما ائتمن عليه من المصالح العامة، وقد يكون كبر الجعل الذي يتقدم به الراشى مشجعاً على فساد ذمم بعض صغار النفوس. ولم يكن أبان الجاهلية حكم ولا حكام بالشكل المعروف اليوم، ولم يكن هنالك من موظف عام بالمعنى المألوف الآن، ولكن اسمع ما ورد في القرآن عن جريمة الرشوة بنصها وأركانها ((و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالاثم وأنتم تعلمون)) تنص الآية على جميع أركان جريمة الرشوة بحسب ما أفاض فيه فقهاء القوانين الوضعية. فأكل أموال الناس بالباطل اثم وجرم، ومن بين الطرق الذي يتوصل بها إلى ذلك الباطل، أن ترشو حاكماً أي موظفاً بمالك ليحابيك فيما لديه مما للغير من حقوق - أما ركن العمد - القصد الجنائى - فتعبر عنه الابة بقولها: وأنتم تعلمون.