/ صفحة 283/
بكلامى)) ، وكان رضي الله عنه إذا أفتى يقول: هذا رأى النعمان بن ثابت - يعنى نفسه - وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاء بأحسن منه فهو أولى بالصواب.
والشافعى رضي الله عنه كان يقول: إذا صح الحديث فهو مذهبى، وقال يوماً للمزنى: يا ابراهيم لاتقلدنى في كل ما أقول، وانظر في ذلك لنفسك، فانه دين.
وكان الامام أحمد رضي الله عنه يقول: ليس لاحد مع الله ورسوله كلام، وقال يوماً لرجل: لاتقلدنى ولا تقلد مالكاً، ولا الاوزاعى ولا النخعى ولا غيرهم، وخذ الاحكام من حيث أخذوا من الكتاب والسنة.
ولقد كانت سيرة سلفنا هؤلاء في ثقة بعضهم ببعض، وعذر بعضهم لبعض، آية من آيات الله في الاخلاص وحسن النية، والاحتفاظ بما ينبغى أن يكون بين أهل العلم والدين من أخوة، ((فكان بعضهم يصلى خلف بعض، مثل ما كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعى وغيرهم رضي الله عنهم يصلون خلف أئمة المدينة، وان كانوا لايقرأون البسلمة لا سراً ولا جهراً وصلى الرشيد اماما وقد احتجم فصلى الامام أبو يوسف خلفه ولم يعد، وكان أفتاه الامام مالك بأنه لا وضوء عليه، وكان الامام أحمد بن حنبل يرى الوضوء من الرعاف والحجامة، فقيل له: فإن كان الامام قد خرج منه الدم ولم يتوضاً، هل تصلى خلفه؟ فقال: كيف لا أصلى خلف الامام مالك وسعيد بن المسيب؟.. وصلى الشافعى رحمه الله الصبح قريباً من مقبرة أبي حنيفة رحمه الله فلم يقنت تأدباً معه)) .(1)
* * *
أما الشيعة- امامية وزيدية - فيرون بقاء باب الاجتهاد مفتوحاً إلى يوم الدين، ولا يتبعون في عباداتهم ومعاملاتهم وسائر أحكام دينهم الا ما فهموه من الكتاب والسنة. وما يأخذونه من أئمتهم (عليهم السلام) لا يأخذونه بحكم
ــــــــــ
(1) المصدر نفسه، ص 159 ج 1.