/ صفحة 375/
تنفيذاً شريفاً، فلقد أعلن الميثاق أو أعاد اعلان مبادىء الدكتور ولسن ومبادىء عصبة الامم بايضاح وتفصيل، أعلن حق الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم الفتح والاستعمار، وأعلن أن الناس سواء، فلا قوى ولا ضعيف، ومن الغريب أن نظام الامم متحدة هو الاخر بيد الامم المتأخرة والمتخلفة، فأى نظام أبهى وأعظم من تنفيذ هذه المبادىء تنفيذاً نزيها، أهي حقائق أم هي حبر على ورق لذر الرماد في أعين الضعفاء الذين يتلهفون على كرامتهم وحريتهم.
انا لا نطلب سوى تنفيذ ميثاق الامم المتحدة حتى يتم الديمقراطية معناها، ويتحقق مدلولها الكامل، وفي هذا مصلحة للضعفاء ومصلحة للاقوياء، ذلك أن الناس لو عاشوا اخواناً متصافين متساوين في الحقوق والواجبات، أمكن ازالة أسباب الحروب، وازالة أسباب التقتيل والتخريب، وأصبحت الأرض كافية لنغذية أبنائها، ورفع شأنهم، والترفيه عنهم، فإن موارد هذه الأرض كافية لاعزاز أهلها، وتبادل المنافع والمصالح فيما بينهم، فإذا ازدهرت الأرض وعاونها العلم كانت جنة للعالمين بعد أن أصبحت جحيماً للناس أجمعين يتولاهم الذعر والخوف، فلا يخرجون من حرب الا إلى حرب تالية، والفترة بين الحربين فترة شقاء وخوف وعذاب، ينصرف الناس فيها إلى انتاج أدوات الفتك والتخريب بدل انتاج ما يسعد الإنسان في هذه الدنيا. ان الايدى العاملة والعقول المفكرة قد انصرفت إلى انتاج أدوات الحرب والفتك، وضاع وقت الشباب وعمله في الجندية وما إليها من بناء الاستحكامات وآلات الحرب والتدمير وقد كان لهذا الشباب أن يحول جهده إلى الانتاج السلمى الصحيح، وتعمير هذه الأرض واشاعة الاخاء والمودة بين الناس، واشاعة تبادل المنافع ومنتجات الأرض ظاهرة كانت أو مستترة، ورفع ثقل تلك الضرائب التي لا يسلم من وطأتها أحد، سواء في ذلك الامم القوية أوالضعيفة، ولا يمنع من الوصول إلى هذه الدرجة