/ صفحة 343/
ولكنهم مضوا فى طريقهم عالمين أن القوة إنّما هي قوة الارواح، لا قوة الاشباح، وأن القلة المتماسكة خير من الكثرة المتفككة، وأن الله مع الصابرين، وبذلك انبعثوا، فلم يكن صبرهم رضوخا ولا استسلاماً، وإنّما كان شجاعة واقداما ((و لما برزوا لجالوت وجنوده)) لم يغتروا، ولم ينسوا ربهم، ولم يغفلوا عن تقوية أنفسهم بدعائه، والاعتماد على قوته ومعونته، والتوثق بنصره وتأييده، ولكن ((قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وثبّت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين، فهزموهم باذن الله، وقتل داود جالوت، وآتاه الله الملك والحكمة)) وكذلك يجزى الله الصابرين.
* * *
هذا هو حظ ((الايمان)) و((الصبر)) من تحريف المحرفين، ولا نكاد نعرف لفظاً من الالفاظ الإسلامية التى أرادها الله للناس خيراً ورشاداً واصلاحاً، الا وقد أصابه مثل هذا التحريف: التقوى، التوكل، الزهد، الصلاح، القضاء، القدر، بركات الطاعة، شؤم المعصية، التعبد بتلاوة القرآن، الاستشفاء بآيات القرآن، الرقى، التعاويذ، الاستخارة، التوسل، التبرك بالاولياء... الخ.
كل هذه ألفاظ ذات حقائق فى الشريعة تتفق وما جاءت به من عقائد صحيحة، وأحكام راشدة، ولكن الناس حرّفوها عن مواضعها، ولعلى أوفق ان شاء الله إلى جمعها وتحريرها وبياناً الحق فيها بياتاً يشفى صدور العامة والخاصة من المؤمنين، والله المستعان، وبه التوفيق.
((ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الفاتحين)) .