/ صفحة 341/
أمرنا بأن نكون أقوياء لنرهب عدو الله وعدونا، وألا نتنازع فنفشل وتذهب ريحنا، وأن نذكر الله ليذكرنا، وننصره لينصرنا ((اذكرونى أذكركم)) ، وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم)) . ((و لينصرن الله من ينصره)) .
هذه وأمثالها تعاليم القرآن، ووصايا التى يزجيها لاهل الايمان، ولكن الناس مع هذا متأثرون بما زيّف عليهم من أقوال، وخيّل إليهم من أوهام، ولو كان من مقتضيات الايمان كما يزعمون، أن نهزل وأعداؤنا جادون، وأن نكتفى بالامال الحمقاء وأعداؤنا عاملون، وأن ننتظر خوارق السماء، ونحن عما سخره الله لنا فى الأرض معرضون; لما كان الايمان - وحاشاه أن يكون - الا نكبة يختص بها المؤمنون.
* * *
ومن الكلمات التى حرّفت عن مواضعها كلمة ((الصبر)) : لقد ذكر الصبر فى كتاب الله عزوجل أكثر من تسعين مرة، عرّف الله فيها عباده بثمراته الطبية، وما له من عاقبة حسنة فى الدنيا والاخرة، وأنه أساس من أسس الدين وينبوع لكثير مما سواه من الاخلاق الفاضلة، والصفات الشريفة.
فما هو الصبر؟ أهو الاستسلام والخضوع وقبول النكبات والمصائب قبول الترحيب والرضا؟ أهو الركود والبلادة والاقامة على الضيم، والاذعان للخف؟
كذلك تصوّره الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، وكذلك صوروه للناس، فرضى الفقير بفقره باسم الصبر، ورضى المريض بمرضه باسم الصبر، ورضى الذليل بذله باسم الصبر، ورضى المظلوم بظلمه باسم الصبر.
والشعوب وما أدراك ما الشعوب! لقد أضلوها السبيل، فعلموها أن السلطان الجائر قضاء وقدر، فيجب أن يصبر عليه، وأن الحكومة الظالمة مظهر من مظاهر التأديب الالهى، فعليهم أن يتقبلوها بالرضا، وأن الفقر والغنى قسمة ونصيب لافكاك منهما، ولا ارادة لاحد فيهما، وهكذا أضعفوا الهمم، وثبطوا العزائم، وأدخلوا فى روع الناس ان الصبر واليأس لفظان مترادفان!