/ صفحة 313/
فقد ظلت الخلافة الإسلامية فى عاصمة المملكة - المدينة، أو دمشق، أو بغداد - طوال القرون الثلاثة الاولى - هي المركز الرئيسى الذي يستمد منه الولاة، فى شتى بقاع، ((مملكة الإسلام)) (1)، سلطانهم; لا يخالفون عن ارادتها أو اتجهاها.
وبرغم تغلب الامويين على الاندلس بعد انقضاء دولتهم فى المشرق، عقيب معركة الزاب سنة 132 هـ -
749 م، فانهم لم يحاولوا تنصيب أنفسهم خلفاء على المسلمين مع أن الخلافة كانت فيهم من قبل، واكتفوا بتسمية أنفسهم، ((بنى الخلائف)) .
ولكن لم يلبث العالم الإسلامي فى العقد الاخير من القرن الثالث، أن قامت فيه خلافة جديدة، تناوىء خلافة بغداد تلك هي خلافة الفاطميين فى المغرب; إذ أنهم بعد فتح القيروان سنة 297 هـ - 909 م، اتخذوا لانفسهم لقب الخلافة(2).
وبذلك ضمت ((مملكة الإسلام)) خلفاء ثلاثة: خليفة أموياً فى الاندلس، وخليفة علوياً فاطمياً فى المغرب ثم فى مصر، وخليفة عباسياً فى بغداد، وكانوا - بذلك - يمثلون فى العالم الإسلامي الاحزاب السياسية التى كانت تتقاسمه.
وانه لبحث طريف. يستطيع أن يستفيد منه أولئك الذين يهتمون بدراسة النظريات الدستورية، وأنظمة الحكم فى العالم الإسلامي، إذا ما تتبعوا أثر هذا الانقسام فى السلطة العليا، عند الفقهاء وعلماء الكلام.

ــــــــــ
(1) يعتبر المقدسى أن مملكة الإسلام تمتد من كاشغر - فى أقصى المشرق - إلى السوس الاقصى فى المغرب، وأنها تقطع فى نحو عشرة أشهر ((المقدسى)) : أحسن التقاسيم فى معرفة الاقاليم، طبعة ليدن سنة 1877: ص 64)) أما عند ابن حوقل، فحدود مملكة الإسلام هي: شرقيها أرض الهند وبحر فارس، وغربيها مملكة السودان، الذين يسكنون على المحيط الاطلسى، وشماليها بلاد الروم وما يتصل بها من الارممن واللان والران والخزر والبلغار والصقالبة الترك والصين، وجنوبيها بحر فارس ((المسالك والممالك، طبعة ليدن سنة 1872: ص 10، 11)) الحضارة الإسلامية لمتز، ترجمة الأستاذ أبو ريده: ج 1 ص 3.
(2) شذرات الذهب، ج 3 ص 3.