/ صفحة 291/
وقته فى ((شعث نشاوى من كرى)) . وإذا كان لابد لوقته أن يضيع ففى غير السفر على ظهور الجمال والوقوف على الاطلال، أفلست معبراً عن الحقيقة! بلى، وليس لى فخر الكشف عنها، بل هو لأبي نواس، فهو الذي أخذ منذ مئات السنين على الشعراء ((صفة الطلول)) وما إليها.
وإذا كان الحديث ذا شجون فهل رأيتم ديوانه الجديد؟
قال: ديوان من؟
قلت: يعود الضمير على أقرب مذكور وهو فى كلامى أبو نواس.
قال: ان ديوان أبي نواس قديم قدم أبي نواس نفسه، وأنت تحدثنى عن ديوان جديد.
قلت: أعنى طبعه الجديد.
قال: لقد ضرب الدهر بحجاب كثيف بيننا وبين أبي نواس وشعره ووسائل عيشه. بل لقد نقضت قواعد السلوك التى لعله كان يحسبها باقي ما بقيت السموات والأرض)) والا أفترضى، وإذا رضيت أفيرضى لك أضرابك، أن تكون ((نسخة أخرى)) لأبي نواس؟ اتتمدح بما كان يتمدح به؟ أأتناسى وقار الشيخوخة وأنشدك بعضاً من كل... كل جمع فأوعى فلم تفته صغيرة ولا كبيرة من شذوذ ((شذّاذ بغداد)) الا أحصاها؟ لماذا لم يحل الحجاب الكثيف الذي ضرب بينك وبين أبي نواس دون شعره؟ انه والشماخ لمن أبناء العهد القديم بالقياس إليك، فليست مائة سنة أو مائة وخمسون أو ثلاثمائة فاصلا كبيراً بين رجلين ما داماكلاهما قد جاوزاك بأكثر من ألف عام... أنت لاترفض شعر الشماخ لأنه بعيد عنك، ولا تقبل شعر أبي نواس لأنه قريب منك، أو لأن الأول يعالج من الأُمور ما لا تعالج، فى حين أن الثانى كان ينسج على منوال ينسجون عليه هذه الايام، وإنّما تنطق عن هوى فتحل القديم إذا جرى مجرى الطبع المريض، وتحرمه إذا نهج نهج الطبع السوى.