/ صفحة 29/
في وقت من الأوقات أن جامعة الدول العربية ستكون عاملا ميسراً للاتفاق معهم على البر نامج الذي رسموه للشرق، فلما رأوا أن هذه الجامعة قد أحيت الأواصر بين أهل العروبة، وذكرتهم بأنهم أخوان في الدم والتقاليد، وجيران في الديار، وشركاء في المصالح والمنافع; غضبوا عليها وجعلوا يحاربونها، ويدسون بين أعضائها.
لهذا كان من أوجب الواجبات على الشعوب الشرقية والاسلامية أن تسلك كل سبيل تؤدى إلى سياسة واحدة بين جميع حكوماتها، والى تفاهم تام بين جميع أبنائها، والى تبادل عام المنافع والمصالح، وأن يكمل كل شعب بحاصلاته وثرواته الطبيعة وكفاياته البشرية ما عند الآخر، وأن تكون البلاد كلها سوقا لهم جميعا، وميدان نشاط لهم جميعاً، لا في دائرة العروبة فحسب، ولكن في دائرة الشرق والإسلام، فإن الغرب لا يعادى هذه الشعوب من حيث كونها شعوبا عربية فقط، ولكن يعاديها أيضا من الفرقة والاختلاف على حذر شديد، ولينزع أرباب المذاهب الإسلامية عن اثارة المسائل الخلافية التي توغر صدور بعضهم على بعض، وتطفيء الحماسة التي يجب أن يقوم عليها تعاونهم وتآزرهم، وليأتلفوا في ظل ما يؤمنون به جميعاً من أصول دينهم، وليذكر الشرقيون عامة أنهم أبناء أوطان متقاربة متشاركة، يعود عليهم جميعا عزها بالخير والسعادة، وذلها بالشر والفساد والشقاء.
أما بعد: فانى أحى (رسالة الإسلام) بمناسبة دخولها في عامها الخامس وأرجو لها اطراد التوفيق والتقدم في نشر رسالة المحبة والتآلف والدعوة إلى ما دعا إليه رسل الله أجمعون من الإسلام لله، والسلام بين الناس؟