/ صفحة 279/
والذي يضرب بمكتبته المثل فى الضخامة، والذى وجّه إلى أبي الفرج الاصبهانى ألف دينار على أن يوجه إليه نسخة من الاغانى، قبل أن يصل إلى بنى العباس.
وفى أبي على القالى يقول الرمادى شاعر الاندلس:
من حاكم بينى وبين عذولى *** الشجو شجوى، والعويل عويلى
فى أي جارحة أصون معذبى *** سلمت من التعذيب والتنكيل؟!
ان قلت فى بصرى فثمّ مدامعى *** أو قلت فى قلبى فثمّ غليلى
لكن جعلت له المسامع موضعاً *** وحجبتها عن عذل كل عذول
وفيها يقول:
روض تعاهده السحاب كأنه *** متعاهد من عهد اسماعيل
قسه إلى الاعراب تعلم أنه *** أولى من الاعراب بالتفضيل
فالشرق خال بعده وكأنما *** نزل الخراب بربعه المأهولى
***
قال المقرى: ولما سمع المتنبى البيت الثانى قال: ((يصونه فى استه!)) وكان الرمادى لما سمع قول المتنبى:
كفى بجسمى نحولا أنني رجل *** لو لا مخاطبتى اياك لم ترنى
قال: ((لعله ضرطة!)) والجزاء من جنس العمل. اهـ.(1)
ومن هذا النقد السريع المتبادل، تعرف شدة الاتصال بين الاندلس والمشرق.
* * *
وفى أوائل القرن الرابع، ألف أحمد بن عبد ربه الاندلسى الصميم كتابه: ((العقد الفريد)) وأنت إذا قرأت
((الامالى)) الذي أملاه صاحبه فى جامع قرطبة، وقرأت العقد الفريد الذي ألفه ذلك الاندلسى، وجدت تأليفاً شرقياً بحتاً، لايمت إلى البيئة الاندلسية بمتات; حتى لقد قال ابن العميد عند ما اطلع على العقد:
بضاعتنا ردت الينا!
ــــــــــ
(1) نفح الطيب ج 2 ص 84 ط أزهرية.