/ صفحة 262/
(3) حكم الشعب:
سبق لنا القول عن حكم الفرد بنوعيه صالحه وفاسده، وعن حكم فئة من فئات الأُمة بنوعيه صالحه وفاسده.
والان نتكلم عما يسميه أرسطو بحكم الشعب، وربما يدهشك إذا قيل لك أن حكم الشعب قد يكون أيضاً صالحاً وفاسداً كما ارتآه أرسطو.
(1) فحكم الشعب الصالح هو ما يسمى بالديمقراطية إذ أن الأُمة مصدر السلطات، ومعنى هذا في نظر أرسطو وغيره أن تقوم الأُمة بانتخاب وكلائها عنها انتخاباً سليماً صالحاً، وأن يكون للحكومة وزراء يراقب نواب الأُمة أعمالهم ويسيرون على النهج المستقيم، ويكون لنواب الأُمة حق التشريع، واقرار الضرائب، ومراقبة صرفها ومحاسبة الوزراء على تصرفاتهم، ومسئوليتهم أمام النواب، ومنحهم الثقة أو سحبها منهم لبقائهم أو بقاء بعضهم أو خروجهم من الوزارة، وبالجملة تنسيق الاعمال على الوضع الذي ترتضيه - وعلى ذلك فالديمقراطية معناها أن تحكم الدولة بواسطة الشعب ولمصلحة الشعب.
أما كيف يكون تنظيم البرلمان، وهل يكون من درجة أو درجتين، وكيف يكون عدد أعضائه بالنسبة لعدد المواطنين، وكم يكون عدد أعضاء الوزارة، وهل تكون الدولة ملكية أو جمهورية، فتلك كلها تفصيلات لا تدخل في جوهر الديمقراطية، إنّما المهم فيها والاساس أن تكون الأُمة مصدر السلطات حقا وفعلا.
هذا هو مبدأ الديمقراطية ومعناها كما يراها الناس جميعا.
(2) والنوع الثانى هو ما إذا فسدت الديمقراطية، وأصبحت شكلا لا موضوع له وهو ما يسميه أرسطو: ((بالديماجوجية)) ومعناها في اليونانية أن تكون الأُمة مسوقة، وحقيقتها أن يقوم رجل يؤثر في عقول الشعب تأثيراً عميقا بنشاطه وذكائه وذلاقة لسانه، فيجمع حوله بعض المفتونين به، وتزداد شهرته بالوعود المعسولة، والامال البراقة، والمظاهرات والدعايات والتهريج،