/ صفحة 250/
ومن هذه المسميات في مصر مدين اسمها هليوبوليس، ومعناها في اليونانية مدينة الشمس وهي التي نطلق عليها الآن عين شمس ومن الغريب أن ترى هذا الاسم في اللغة العربية منطبقا على قرية عين شمس الاصلية واسمها باللغة اليونانية المعربة منطبقا على هليوبوليس الجديدة المعروفة الآن، وهي ليست سوى امتداد لعين شمس القديمة، ومعنى الاسمين واحد، لكن اختلاف اللغة جعلهما مدينتين وقد انتشرت هذه التسمية اليونانية إلى أن وصلت إلى بلاد أمريكا، وفيها الآن مدائن يونانية التسمية حديثة عهد الانشاء، ينتهى اسمها بكلمة ((پوليس)) أي مدينة. كما كانت في مصر أيام حكم الاغريق والبطالسة، مدائين ينتهى اسمها بكلمة ((پوليس)) ثم نسيت هذه الاسماء وبقى في مصر الآن مدائن احتفظت بأسمائها الفرعونية القديمة أو القبطية، ثم انتشرت الاسماء باللغة العربية بعد فتوحات العرب.
ونعوذ بعد هذا الاستطراد إلى ما كنا عليه فنقول:
كانت كل مدينة من هذه المدائن منفصلة كما قلنا عن غيرها من المدائن للاسباب التى ذكرناها، وكان عدد سكان كل مدينة في ذلك الحين قليلا (من 500.1500 نسمة) فاضطر سكان كل مدينة أن يفكروا في أساليب ادارتها وحكمها، وهي أساليب تختلف باختلاف عقلية المواطنين في كل مدينة، وكانت الطريقة المثلى التى ارتأوها - والإنسان مدنى بالطبع - هي أن يجتمع أهل المدينة كل سنة في صعيد واحد، وهو ميدان مدينتهم - يجتمع الراشدون منهم ليختاروا بطريقتهم البدائية من يوكل إليه الفصل في المنازعات وأمور الادارة والامن وغير ذلك مما يريح أولئك الناس وهم مشغولون بأمور الملاحة أو الزراعة أو التجارة أو الصناعة، ويكون انتخاب من يقع عليه الاختيار عادة كل سنة، فإذا انقضى العام اجتمع الراشدون مرة ثانية ليعيدوا النظر في أعمال من قاموا بهذه الواجبات، واختيار من يرون صلاحيته في السنة التالى، فاما اعادة الثقة بمن ولوا الحكم من قبل، أو استبدال غير هم بهم، وقد يعاقبون من لم يحسن أداء مهمته.
ان هذه الطريقة البدائية هي قيام الشعب كله باختيار حاكميه، وهي الرقابة