/ صفحة 206/
بالاسلام، وهو وضع خنجر في قلب فلسطين، أو في الواقع في قلب العالمين الإسلامي والعربى، وقطع الصلة بين العرب في مشرقهم ومغربهم، وطبع وصمة عار على جبين المسلمين، وقتل عزة النفس الإسلامية فيهم.
ولو أن تلك الفئة من الرجال المتعلمين وهم من خيرة الاسر العربية الإسلامية في الشرق الاوسط نشئوا في غير هذه الوسط الاستعمارى التبشيرى، وتعلموا في مدارس عمادها الثقة بالله وبالامة والوطن والحقيقة المجردة، لما أصيبت فلسطين بمثل نكبتها، ولما شرد زهاء مليون من المسلمين الامنين إلى جميع الاقطار العربية وأصبحوا لسوء حظهم في حالة تتفتت الاكباد لمجرد ذكرها، أو قراءة وصفها على القرطاس.
ومن العجيب جداً أن التبشير المسيحى أدخل في روع الناس أن الحياة الإسلامية لا تسمح للمرء مهما أوتى من الذكاء أن يتقدم، فهى رجعية بكل معانى هذه الكلمة، وأن الرقى والتقدم ومسايرة هذه النهضات الحديثة لا يكون الا عن طريق التقدم الاوربى.
وقد أدخل في روع الناس منذ ثلاثة أرباع القرن أن الرقى منوط بالمدنية الاوربية، وإذا قلت لمن أصيبوا بهذه الكارثة: ان الاوربيين أنفسهم يرون أن الاعمال العظيمة من مظاهر الايمان بالله، صموا آذانهم عن هذا كله.
وانى أذكر كلمة بسمارك العظيم إذ يتحدث عن علاقة الجندى بالله، وهو يجاهد ويجالد ويموت وان لم يكن قائده يراه، ويقرر أن هذا شعور ووجدان.
يقول بسمارك:
((انظروا إلى تجدونى قد ملكت من موارد الرزق مالا مطمح بعده، فلماذا أحمل نفسى هذه الهموم والالام؟ لا يحملنى على شيء من ذلك الا اعتقادى أنى في جميع أعمالى أتجه لوجه الله)) .
((انى لاعجب كيف يعيش قوم، أو كيف يؤدون ما عليهم من واجبات إذا لم يكن لهم دين سماوى، واله يحب الخير، ويدعو إليه)) .