/ صفحة 190/
في الغالب، ومعظم المنشآت الهامة في فن العمارة في القرون التالية ظلت مقصورة على المساجد والابنية الدينية الاخرى كالمدرسة أو التكية ذات المصلى.
فالمسجد أهم ما تتمثل فيه العمارة العربية، وكان يختلف إلى حد ما باختلاف البقاع، ولكنه ظل دائماً يحتفظ بمميزاته الرئيسية.
وقد كان الحج السنوى إلى مكة من كافة أنحاء العالم الإسلامي، مما ساعد بلا ريب على وجود نظام تقليدى لبناء المسجد، فإن الحاج كان في كل مدينة يمر بها يقوم بصلاته في مسجدها المحلى، وإذا حدث وكان ذلك الحاج من رجال فن العمارة فانه لا يفوته أن يلاحظ رسم هذا المسجد.
ومهما يكن من شيء فإن المسجد الذي بناه الرسول صلوات الله عليه بالمدينة سنة (622 م) يعتبر النموذج الأول لسائر المساجد الاخرى.
كان هذا المسجد مساحة من الأرض مربعة الشكل، يحيط بها جدران من الاجر والحجر، وقد كان هناك سقف على جزء من أجزاء هذا الجامع، ويحتمل أن يكون هو الجزء الشمالى حيث كان النبي يؤم المصلين، ولعل الاسف كانت مصنوعة من جريد النخل المغطى بطبقة من الطين، والمستند على عدد من جذوع النخل، وفي مثل هذا البناء الاولى لم تكن ثم ضرورة إلى استعارة أساليب معمارية من مكان ما، إذ لم تكن ثمة حاجة لهذه الاساليب.
أما المسجد الثانى الذي بني في الكوفة بأرض الجزيرة سنة 939 م) فكان سقفه مرفوعا على عمد من الرخام أتى بها من قصر ملك من الملوك الفرس في اقليم الجزيرة.
وثم مسجد آخر أصغر من المسجد السالف الذكر بناه عمرو بن العاص في الفسطاط في (سنة 642 م) و
هو الذي يعرف إلى الآن بجامع عمرو.
في هذا المسجد نرى ظاهرة جديدة هي وجود منبر مرتفع.
نعم ان المنبر كان من أثاث المسجد الإسلامي منذ عهد الرسول صلوات الله وسلامه عليه، فقد كان صلى الله عليه وسلم يخطب مستنداً إلى جذع نخلة، ثم جعل له منبر