/ صفحة 184/
كأنى جان محدث، وكأنما *** بهم أتقى من خشية العار أجرب
على أي جرم، أم بأية سيرة *** أعنف في تقريظهم وأؤنب؟!
وتصل به هذه الغفلة إلى أن يقول:
إلى السراج المنير أحمد لا *** يعدلنى رغبة ولا رهب
عنه إلى غيره ولو رفع النا *** س، إلى العيون وارتقبوا
وقيل: أفرطت، بل قصدت، ولو *** عنفنى القائلون أو ثلبوا!
إليك - يا خير من تضمنت الـ *** أرض، وان عاب قولى العيب!
جّ بتفضيلك اللسان ولو *** أكثر فيك الضجاج والصخب(1)
* * *
فماذا عسى أن تكون هذه الطائفة التي كفرته بحب آل البيت، أو عابته بحبهم، الا طائفة مارقة ليس أكبر جرمها أنها كفرته أو عابته؟! ومن هو هذا الذي يقول له: أفرطت في مدح مَن مدحه الله من فوق سبع سموات: محمد خير خلق الله كلهم، ويعيب قوله فيه، الا كافر بالله، خارج من ربقة الإسلام، يسفل به شأنه عن أن يعار أي التفات؟!
لقد أخذ على النابغة الذبيانى قوله للنعمان:
وعيرتنى بنو ذبيان خشيته *** وهل على بأن أخشاك من عار؟
قالوا: ان هذا مما لايقال مثله للملوك! ذلك مع أن الذبيانى إنّما أراد أن يقول: ان عز عشيرتى ومنعتها لم تعصمنى من خشيته، فهو في حقيقته تفخيم لشأن النعمان، وإنّما الهجنة في لفظه حسب، وهو معنى قول الاخر، أو قريب منه:
أهابك اجلالا، وما بك قدرة *** على، ولكن ملء عين حبيبها
ــــــــــ
(1) الضجاج بالفتح والكسر: المشاغبة والمشارة.