/ صفحة 169/
قلت: أفقولى ((تظلمت من فلان)) خطأ؟
قال: ليس خطأ، فالفعل مشترك. هو ((متعدياً)) كقولك ((تظلمته)) يعنى الاعتداء وغير متعد أو ان شئت متعدياً بالحرف كقولك ((تظلمت منه)) يعنى ((شكوت ظلمه)) واليك قول صاحب القاموس المحيط ((الظلم بالضم وضع الشيء في غير موضعه، والمصدر الحقيقى الظلم بالفتح، ظلم يظلم ظلما بالفتح فهو ظالم وظلوم، وظلمه حقه وتظلمه اياه، وتظلم أحال الظلم على نفسه ومنه شكاً من ظلمه، قلت: حسبى من ظلم وتظلم، والحاصل أن تعبيرنا صحيح، وقد تظلموننا إذ تأمرون بالاقلاع عن تعبير صحيح.
قال: ان اقلاعك عن استعمال التظلم بمعنى الشكوى أهون على من جهل المعنى الاخر في قوله ((إذا ما كنتمو متظليمنا)) ومع هذا هبها احدى عثراتى وتالله ما أكثر عثرات الشيوخ.
قلت: وتالله ما أبعد أثرها السىء، فهى تجر عثرات آخرين يسعون وراء الشيوخ باعتبارهم الهداة المرشدين.
هأنت ذا تعظ شيخك، فالعجب لزمان يهتدى فيه الشيوخ بهدى الشباب! اجهل على ما شاء لك الجهل، فلقد جهلنا عليكم وبكم، فحق علينا أن نجنى ثمار غرسنا.
قلت: يبدو أنه عود على بدء، فلقد انتهينا في حديثنا السالف إلى علم الجهلاء أو جهل العلماء. ولقد رجعت إلى أصحاب اللغة فوجدتهم يقولون. جهلة جهلا وجهالة ضد علمه، وجهل عليه أظهر الجهل، وما عثرت على ((الجهالة)) تحمل معنى قد يتحقق فيمن يوصف بأنه عالم، فيصح أن أتحدث عن علم الجهلاء أو جهل العلماء.
قال: لست أدرى ابحثت مستقصيا محصيا، أم نظرت في مرجع بعينه فحسبت أنك رجعت إلى اصحاب اللغة وأحطت.
وانه لكاف شاف أن أرجع إلى محفوظك أنت في الشعر العربى; انشدنى أي شعر يتضمن جهل أو ما اشتق منها.
قلت: أحلامكم لسقام الجهل شافية *** كما دماؤ كمو تشفى من الكلب