/ صفحة 16/
هل تباح ذبائح أهل الكتاب مطلقاً؟
رأى الجمهور:
أما الأول: فيرى فيه جمهور العلماء أن الغرض من قوله تعالى: ((و طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم)) رفع الحرج عن المسلمين في تناولهم ما يصنعه أهل الكتاب من طعام وما يذبحونه من حيوان، وقد كان المسلمون قبل نزول هذا التحليل يتحرجون من تناول طعامهم وذبائحهم لمخالفتهم اياهم في العقيدة، فبين الله تعالى أن ذلك حلال لهم كجميع الطيبات من المآكل والمشارب وأرشدهم إلى أن اختلاف العقيدة لا يمنع تبادل أسباب المعيشة فيطعم المسلم من طعام الكتابي، كما يطعم الكتابى من طعام المسلم، وبهذا يتبين أن آية احلال طعام أهل الكتاب واردة في غير ما وردت له الآية الأولى، وأن طعام أهل الكتاب الذي أحله الله للمسلمين لا يصح أن ان يتناول تناول شيئا مما وردت بتحريمه الآية الأولى من الميتة وما إليها، وان كانوا يستبيحونه لأنفسهم ويطعمونه، واذن فلا تأثير لهذه الآية على آية التحريم في شيء ما، ولا يحل لمسلم أن يتناول مخنوقهم ولا ما سموا عليه بغير الله متى علم ذلك.
رأى طائفة من العلماء منهم ابن العربى:
وترى طائفة من العلماء أن الله سبحانه وتعالى أباح أطعمتهم وهو العليم بما يقولون والعليم بما يفعلون، وأن الآية جاءت استثناء مما هو حرام على المسلمين من اللحوم إذا كان طعاما لهم، وعليه فيباح للمسلم أن يتناول أطعمتهم كيفما كان نوع ذكاتها، وبذلك صدرت فتوى ابن العربى إذ يقول: ولقد سئلت عن النصرانى يفتل عنق الدجاجة ثم يطبخها، هل يؤكل معهه أو تأخذ طعاما معه؟
فقلت: تؤكل، لأنها طعامه وطعام أحباره ورهبانه وان لم تكن هذه ذكاة عندنا، ولكن الله تعالى أباح طعامهم مطلقا وكل ما يرونه في دينهم فانه حلال لنا في ديننا الا ما كذبهم الله سبحانه فيه.