/ صفحة 122/
هلوعا إذا مسه الشر جزوعا، وإذا مسه الخير منوعا الا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون)) .
وفي مقابلة هذا كله جعل تركها عنوان الانغماس في الشهوات، وسبيل الوقوع في الغى والضلال وسببا من أسباب الخلود في النار ((فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا)) ((كل نفس بما كسبت رهينة، الا أصحاب اليمين، في جنات يتساءلون، عن المجرمين: ما سلككم في سقر؟ قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض مع الخائضين، وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين.)) .
كما جعل الغفلة عنها وعن معناها وروحها آية من آيات التكذيب بيوم الدين ((أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتمى ولا يحض على طعام المسكين فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراءون ويمنعون الماعون)) .
ولعلنا ندرك أن في الاتيان بها بين ما ذكر في هذه السورة ايحاء قويا إلى أن السهو عن روح الصلاة - الذي يجعلها صورة جافة لايؤدّى حق الله فيها من خشوع ومراقبة واستشعار عظمة - سبب قوى في التكذيب بيوم الدين واهانة اليتيم، واهمال حق المسكين، كما هو سبب في غرس شجرة الرياء في القلوب، وانصراف الإنسان عن فضيلة التعاون والبر بأخيه الإنسان.
وقد قرنها الله بعد هذا كله بالصبر وجلعهما عدة المؤمن في التغلب على مشاق هذه الحياه.
ان الصلوات الخمس لخمس رحلات إلهية أوجبها الله على عباده في أوقات متفرقة من اليوم والليلة، يخلص فيها المؤمن من دنياه ويفرغ لربه بالتكبير والمناجاة وطلب المعونة والهداية ويلقى فيها بنفسه في كفالة الربوبية الرحيمة، متمثلا العظمة المطلفة التي تصغر أمامها كل عظمة في هذه الحياه، وان تلك الرحلات لجديرة أن تفرج همه، وان تخفف ويله، وأن تحقق رغائبه الخيرة، وقد كان من سنة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا حزبه أمر أن يفزع إلى الصلاة، وكان يقول: ((جعلت