/ صفحة 117/
وكما عرف الله أبوينا هذه السنة على أول عهدهما بالحياة الدنيا، قص علينا مصائر أهل البغى والظلم والفساد في الأرض: ((فكأين من قرية أهلكناها وهي طالمة فهى خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد)) ((و كأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا، فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا)) ((و كذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة ان أخذه أليم شديد)) .
* * *
ولقد تجلت في الناس حين كرتثتهم هذه الكوارث مظاهر جديرة بالتأمل والاعتبار:
وجدنا هم على اختلاف أديانهم وأوطانهم وأممهم، ذكروا الله، فاستغاثوا به، واستنزلوا رحمته، واستدفعوا بلاءه، فأقيمت الصلوات في المساجد والكنائس والبيع، وتصاعدت الدعوات بمختلف اللغات: ((ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون)) .
وجميل من الإنسان أن يعرف ذنبه، ويذكر في اللأواء ربه، ولكن أجمل منه أن يكون ذلك في السراء كما يكون في الضراء، فإن الذي يرجى للعسرى، هو الذي يسر اليسرى. بيد أن هذا دليل على أن الايمان بالله مركوز في النفوس، فطرت عليه القلوب، وتلاقت العقول، فعلى قادة الامم، وأرباب دعوات الخير أن يفيدوا من ذلك، فيعملوا على اثارة هذه الفطرة الصالحة في نفوس الناس حيثما وجدوا إلى اثارتها سبيلا، فإن الاصلاح القائم على الايمان هو الراسخ أصولا، الباسق فروعا، الطيب ثمارا، ((أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض، أم نجعل المتقين كالفجار)) .
* * *
ووجدنا العالم كله يقف أمام هذه الاحداث والمحن متعاوناً متكاتفا يريد أن يخرج من معركتها ظافرا، حتى لقد طلبت احدى الامم أن تمدّ ((بأكياس)) من الرمل لنجعلها حاجزا بين الماء وما ضعف من شواطئها، فإذا الطائرات بين يوم