/ صفحة 11/
ليس بينهما ذكر. والحامي: هو فحل الضراب والتلقيح، كانوا إذا أتم عدداً مخصوصا من الضراب يحمون ظهره ويتركونه دون أن ينتفعوا به.
نفي الله مشروعية ذلك كله، وجعله من تصرف الأهواء والأوهام، واغتصاب حق التحليل والتحريم الذي هو لله وحده. وقد رأينا لهذه العادة الضالة بقايا حتى فيما بين المسلمين في ما ينذرونه من الأنعام للأولياء، والمقربين: وان اختلفت صور التقليد والتعليم للمنع والتحريم، وقد عرضت لذلك سورة الأنعام في مناقشة طويلة وتهكم واضح من تصرفاتهم في التحليل والتحريم على هذا الوجه أو غيره مما كانوا يعتادون ((و جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام)) (( وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء ـ بزعمهم ـ وأنعام حرمت ظهورها وأنهام لا يذكرون إسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون)) . ((ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين، قل آلذكرين حرّم أم الأنثيين أما اشتلمت عليه أرحام الأنثيين نبئونى بعلم ان كنتم صادقين، ومن الإبل اثنين، ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا، فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لايهدى القوم الظالمين)) .
ولعل في هذا التقريع الشديد والتهكم اللاذع لفتا لأنظار هؤلاء الذين يجعلون لأنفسهم باسم تدينهم حق تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل، إلى أن التحليل والتحريم التعبّدين من خصائص الألوهية وحدها، وأن التصرف في المخلوقات بالتحليل أو التحريم ليس مما فوّض أمره إلى البشر، نعم هناك من الشئون والأعمال ما يبيحه الله باعتبار ذاته وبقطع النظر عما قد يترتب عليه من أضرار ومنافع، ومثل هذا قد أعطى للانسان الحق في تحريمه إذا كان حلالا متى تيقّن أو غلب على ظنه أنه سبيل لضرر أو ايذاء، كما أعطى الحق في ايجابة متى تيقّن أنه سبيل لدفع ضرر محقق أو جلب خير لا بد منه لصالح الفرد أو الجماعة، وهذا أصل عظيم في التشريع الإسلامي يجب التنبه له والانتفاع به في ما تتوارد عليه المنفعة والمضرَّة بحسب الظروف والأحوال.